الصحافة _ كندا
في الوقت الذي تقود فيه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، برئاسة فوزي لقجع، ثورة حقيقية على مستوى التنظيم، الاستثمار، والتخطيط المستقبلي، ما تزال بعض أندية البطولة الاحترافية ترزح تحت وطأة تسيير هاوٍ وعشوائي، يعيدنا إلى سنوات التسيير التقليدي العقيم، حيث تغيب الرؤية ويتقدّم منطق الارتجال والمصالح الضيقة.
النموذجان الأبرز على هذا الواقع هما هشام آيت منا، رئيس نادي الوداد الرياضي، ونصر الدين گرطيط، رئيس نادي اتحاد طنجة. فبالرغم من مسؤوليتهما عن قيادتين تقنيتين لناديين عريقين لهما امتداد جماهيري وتاريخي قوي، فإنهما أظهرا محدودية في التدبير، وعجزًا عن مرافقة المتطلبات الحديثة للتسيير الرياضي. كيف يُعقل أن يتخلف رئيسا ناديين بحجم الوداد واتحاد طنجة عن الرد على مراسلات العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، منذ تاريخ 16 ماي 2025، بشأن الوضعية المالية للناديين، في خضم الاستعدادات للميركاتو الصيفي؟
هذا السلوك لم يصدر فقط عن هذين الناديين، بل امتد إلى 14 نادٍ آخر، ليصل مجموع الأندية التي تواجه هذا المشكل إلى 16 نادياً تنتمي للقسمين الأول والثاني. هذه الأندية، بسبب تقصير إداراتها، مهددة بالحرمان من تأهيل لاعبيها الجدد، وهو ما يعني أن المسؤولية الكاملة ستقع على عاتق رؤسائها الذين فشلوا في تقديم الوثائق المطلوبة، رغم علمهم المُسبق بأهمية هذه الخطوة في تمكين فرقهم من المنافسة بشكل متكافئ في الموسم المقبل.
اللافت أن نادي الرجاء الرياضي، الذي يعيش بدوره على وقع مرحلة انتقالية وتحضير لجمع عام انتخابي، تمكن من الوفاء بالتزاماته الإدارية والرد على مراسلات العصبة، رغم كثافة الأشغال والانشغالات. وهذا ينسف كل المبررات التي قد يسوقها رؤساء أندية أخرى لتبرير تخلفهم، ويؤكد أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في “الانشغال”، بل في غياب الجدية والمسؤولية.
الأندية التي تُدار بعقلية “مول الشكارة” والارتجال لن تواكب مغرب 2030، ولا طموحات المملكة في تنظيم تظاهرات رياضية عالمية مثل كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030. في المقابل، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تقدم نموذجاً حديثاً وفعالاً في التسيير، يستند إلى رؤية استراتيجية واضحة، وإرادة سياسية قوية، ما جعل المنتخبات الوطنية تتألق قارياً وعالمياً، وتفرض نفسها كمصدر فخر للمغاربة.
إن استمرار وجود رؤساء لا يمتلكون الحد الأدنى من الكفاءة ولا يواكبون التطورات الحديثة في مجال التسيير الرياضي يشكل عائقاً أمام تطور كرة القدم الوطنية. فالإقلاع الحقيقي لن يتحقق فقط عبر تطوير المنتخبات الوطنية والبنيات التحتية، بل يجب أن يشمل أيضاً إصلاحاً جذرياً في الحكامة الداخلية للأندية.
إذا كانت الجامعة تسير بسرعة الـTGV نحو العالمية، فإن الأندية، في ظل هذا النوع من التسيير، ما تزال تتعثر في محطة البدايات. ولأجل مغرب رياضي يليق بتطلعاته الدولية، لا بد من غربلة حقيقية لمسؤولي الأندية، وإحلال جيل جديد من القادة، يؤمنون بالكفاءة والمحاسبة والاحتراف، لا بالمناصب والمظاهر والصور.