الصحافة _ كندا
تعيش العلاقة الجمركية بين المغرب ومدينتيه المحتلتين، سبتة ومليلية، حالة من الغموض والتناقضات، حيث تتأرجح التصريحات الرسمية بين التأكيد على انفتاح المعابر والتصريحات الاقتصادية التي تحذر من غياب الاستقرار والضمانات.
على الرغم من تأكيد مندوبية الحكومة الإسبانية في مليلية أن الجمارك تعمل بشكل طبيعي، إلا أن الواقع يشير إلى شبه توقف لعمليات التصدير والاستيراد بين الجانبين منذ فترة. ففي الوقت الذي يؤكد المسؤولون أن الممرات الجمركية مفتوحة، يجد رجال الأعمال أنفسهم أمام عراقيل إدارية وتقنية تجعل من استخدام المعابر مسألة معقدة ومحفوفة بالمخاطر. في الثامن من يناير، ظهرت أولى المؤشرات على تعثر حركة العبور، حين واجهت المركبات والوثائق بعض المشاكل، إلا أن الأمر لم يدم طويلاً، حيث سُمح في الخامس عشر من الشهر نفسه بعبور شحنة تزن 600 كيلوغرام من الأجهزة الكهربائية وأجهزة التكييف عبر جمارك مليلية. تكررت العملية في الحادي عشر من فبراير، عندما أُرسلت شحنة أخرى تضم أدوات منزلية وثلاجات، بينما دخلت في العشرين من الشهر نفسه أول شاحنة محملة بالأسماك قادمة من المغرب إلى مليلية، في خطوة هي الأولى منذ إغلاق الجمارك في غشت 2018.
رغم هذه المؤشرات، إلا أن حركة العبور توقفت فجأة منذ ذلك الحين، دون أي تفسير واضح من السلطات الإسبانية أو المغربية. الجمارك تبدو مفتوحة من الناحية النظرية، لكن على أرض الواقع، لا عمليات تجارية قائمة، وعناصر الجمارك أنفسهم غير متأكدين مما إذا كان سيتم استقبال أو إرسال أي شحنات مستقبلًا. الحكومة الإسبانية تصر على أن الأمور تسير بشكل طبيعي، وتلقي بالمسؤولية على رجال الأعمال الذين ترى أنهم غير مستعدين بعد لاستخدام الممرات الجمركية.
رئيس اتحاد رجال الأعمال في مليلية، إنريكي ألكوبا، عبر عن قلقه من الوضع الحالي، مشددًا على أن الغموض وانعدام الضمانات يمنعان المستثمرين من المغامرة بشحن بضائعهم إلى المغرب. ألكوبا يرى أن ما يجري حاليًا ليس جمارك تجارية دولية، بل نموذج مختلف تمامًا، معتبرًا أن استعادة نظام المسافرين من مليلية إلى المغرب هو الخطوة الأولى نحو عودة النشاط الجمركي الحقيقي. كما انتقد الوضع الراهن الذي يسمح بإدخال البضائع المغربية إلى مليلية دون أن يكون هناك مسار واضح للاتجاه المعاكس، معتبرًا أن هذه السياسة تصب في مصلحة المغرب فقط.
المشكلة تتفاقم مع غياب المعلومات الدقيقة، وهو ما يزيد من حالة الارتباك في أوساط رجال الأعمال. ألكوبا انتقد بشدة الطريقة التي يتم بها التعامل مع الملف، مطالبًا السلطات بتوضيح الأمور بشكل جلي ودون تعقيدات، وتحديد جدول زمني واضح لإعادة فتح الجمارك التجارية بشكل كامل، وفقًا لنفس الضمانات التي كانت قائمة طوال العقود الماضية.