الصحافة _ كندا
فتحت لجان تفتيش إقليمية، أوفدتها وزارة الداخلية إلى عدد من الجماعات الترابية بجهتي الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي، تحقيقات ميدانية دقيقة في ملفات استغلال غير قانوني للماء والكهرباء، من قبل منتخبين ونافذين ومقاولين، تزامنًا مع أزمة حادة في التزود بالماء الصالح للشرب شهدتها عدة جماعات قروية وضواحي مدن كبرى.
وتأتي هذه التحريات الميدانية تنفيذًا لتعليمات وردت في دورية سابقة لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، تقضي بتشديد المراقبة على شبكات الاستهلاك العشوائي للماء والكهرباء، خصوصًا في مناطق تعرف خصاصًا مائيًا وهيكلة عمرانية غير مضبوطة.
وأكدت مصادر مطلعة أن تقارير أولية مرفوعة إلى الإدارة المركزية كشفت عن تورط منتخبين ومقاولين في استغلال مياه جوفية عبر آبار غير مرخصة، واستعمال معدات ضخ وسقي مرتبطة بشبكات عمومية في أنشطة فلاحية وصناعية مخالفة للقانون، في خرق صريح لقوانين البناء والماء. وسارع بعض المتورطين إلى إزالة تجهيزات الري والربط العشوائي بمجرد علمهم بانطلاق عمليات التفتيش، في محاولة لتفادي الملاحقة الإدارية أو القضائية.
وأفادت ذات المصادر أن رجال السلطة في عدد من الجماعات القروية، التي تعاني من خصاص في الماء، مهدوا الطريق أمام اللجان التفتيشية عبر إعداد تقارير تمهيدية رصدت انتشارًا واسعًا لظاهرة الآبار السرية، ما أثار الشكوك بشأن تواطؤ محتمل لبعض المسؤولين مع مالكي الحفارات والمستفيدين من الربط غير المشروع.
وتأتي هذه التطورات في وقت سبق فيه للسلطات أن أقدمت على إغلاق وتشميع مستودعات “هنكارات” غير قانونية تحتضن أنشطة محفوفة بالمخاطر، من بينها تخزين قنينات غاز بكميات كبيرة، وهو ما سُجل مثلًا بجماعة سيدي موسى بن علي التابعة لعمالة المحمدية، حيث تعود ملكية عدد من هذه المستودعات إلى منتخب جماعي معروف محليًا.
ويُتوقع أن تُسقط عمليات التفتيش الجارية عددًا من رؤساء الجماعات ونوابهم، خاصة الحاصلين على تفويضات في قطاع التعمير، بالنظر لتورطهم المحتمل في السماح بالبناء العشوائي، والتغاضي عن الربط السري بالكهرباء وحفر آبار خارج القانون، بالإضافة إلى توفير حماية غير مشروعة لفائدة فاعلين اقتصاديين يشتغلون في قطاع بيع مواد البناء أو التصنيع التقليدي للآجر.
وأكدت المصادر ذاتها أن تقارير واردة من قواد ورؤساء ملحقات إدارية تضمنت معطيات دقيقة حول استفادة مشاريع غير قانونية من تغطية سياسية أو انتخابية وفرتها شخصيات نافذة، مما سمح بتمرير خروقات على مستوى البنية التحتية الطاقية والمائية، بعيدًا عن أعين مصالح المراقبة.
وتعتزم لجان التفتيش إجراء زيارات ومعاينات ميدانية دقيقة خلال الأيام المقبلة لعدد من النقاط السوداء، التي تم تحديدها سلفًا بناء على المعطيات الواردة في التقارير المحلية، في خطوة تروم إعادة الانضباط للمجال الترابي، وتأكيد جدية الدولة في تنزيل التوجيهات الملكية المتعلقة بالعدل المجالي، وحماية الموارد الحيوية.