الصحافة _ كندا
بعد أكثر من عامين على التعهدات الحكومية بإصلاح الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات “لانابيك”، ما يزال الملف مفتوحاً على أسئلة محرجة، في ظل استمرار الأعطاب الهيكلية وغياب مؤشرات ملموسة على تدارك الاختلالات التي سبق أن رصدها المجلس الأعلى للحسابات.
الوكالة التي يُفترض أن تشكل رافعة لسياسات الإدماج المهني تواجه اليوم وضعية “مقلقة” وفق توصيف برلمانيين، حيث يشيرون إلى تجميد برامج الإدماج، توقف توقيع العقود، وتعثر صرف مستحقات المقاولات الشريكة، ما انعكس سلباً على ثقة الفاعلين الاقتصاديين وعلى فرص الباحثين عن الشغل.
التقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات في دجنبر 2022 كان قد سلط الضوء على أعطاب جوهرية في حكامة الوكالة، من محدودية برامج الإدماج والتحفيز، وضعف شمولية المقاربات لفئات الباحثين عن الشغل، إلى غياب رؤية مؤسساتية واضحة لدعم التشغيل الذاتي. التقرير أكد أيضاً على هشاشة التنسيق بين مختلف المتدخلين، مما يضعف نجاعة التدخلات العمومية في سوق الشغل.
في مواجهة هذه الانتقادات، قدم وزير الإدماج الاقتصادي، يونس السكوري، التزامات واضحة أمام البرلمان، تمحورت حول إعادة هيكلة الوكالة، تعزيز الرقمنة، إحداث منظومات جهوية للإدماج، وتقييم دوري للبرامج. كما أعلن عن مشروع لإحداث مديرية جديدة للنظام المعلوماتي وتوحيد لجان القيادة. غير أن عودة نفس الأسئلة إلى المؤسسة التشريعية بعد مرور عامين، يكشف أن وتيرة الإصلاح لم تواكب حجم التحديات المطروحة.
إلى جانب الأعطاب التدبيرية، يطرح واقع الموارد البشرية داخل الوكالة إشكالية أساسية، حيث لا يتجاوز عدد مستشاري التشغيل 400 على الصعيد الوطني، وهو رقم غير كافٍ لتغطية حجم الطلبات، ويؤثر بشكل مباشر على قدرة الوكالة على تفعيل الاستراتيجية الوطنية للتشغيل.
اليوم، يجد الوزير نفسه أمام ضغط مزدوج: من جهة برلمان يطالب بترجمة مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومن جهة أخرى نقابات تعتبر أن الوكالة ضحية ضعف الإمكانيات وتطالب بدعم مالي وبشري أكبر. وفي ظل دخول الحكومة سنتها الأخيرة، يبقى السؤال مطروحاً: هل تملك ما يكفي من الإرادة والوقت لإعادة تموقع “لانابيك” كأداة محورية لسياسات التشغيل؟ أم أن هذا الملف سيظل رهين التأجيل والانتظار إلى ما بعد 2026؟