الصٌَحافة _ الرباط
لا يمكن أن تُخْفِيَ الشمس بالغربال، ولا يمكن إطلاقا أن تَبْقَى الحقيقة حبيسة الصدور والعقول وخافيةً إلى ما لا نهاية… هذا المعنى ينطبق تماماً على من استبد واستفرد بالقرار داخل النقابة الوطنية للصحافة المغربية (SNPM)، واغتصاب إرادة مئات الصحافيين المهنيين منذ أزيد من عشرين سنة.
فقد كان سيكون إنتخاب يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني الفدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، رئيسا للاتحاد الدولي للصحافيين، الذي اختتم الجمعة الماضي، أشغال مؤتمره الثلاثين بالعاصمة التونسية، مرور الكرام، لولا رسائل التهاني التي تقطارت عليه من طرف الشاعر والكاتب الصحفي الإماراتي الكبير حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، والتي تم تداولها إعلامياً أكثر من رسالة التهنئة التي توصل بها من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس، وهو ما كشف جوانب خفية من مرحلة ما قبل يوم فوز يونس مجاهد للاتحاد الدولي للصحافيين بأغلبية الأصوات المعبر عنها، والتي وصل عددها إلى 200 صوت، في حين حصل منافسه مارتان أوهالنون من كندا على 112 صوتا.
وكشف مصدر موثوق لجريدة “الصحافة” الإلكترونية، كواليس مثيرة حول رصد الإمارات العربية المتحدة لملايين الدولارات لتمويل الحملة الإنتخابية ليونس مجاهد للظفر برئاسة الإتحاد الدولي للصحفيين، ولعبَ حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، دوراً كبيراً في العملية، وهو الذي كان قد هرٌَبَ مؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب من المغرب إلى الإمارات حتى يتمكنَ من تجميد عضوية المملكة المغربية في ذات التنظيم، نكايةَ وضداً في عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب المنتهية ولايته، والذي كان قد هدٌدَ بنشر “كتبا أسود” عن الشاعر الإماراتي بعد إستلائه على منصب رئيس إتحاد كتاب العرب الذي كان سيؤول للمغرب.
وحسب نفس المصدر، فإن حبيب الصايغ أشرفَ شخصياً على تمويل الحملة الإنتخابية ليونس مجاهد في سباق رئاسته للإتحاد الدولي للصحفيين، بدعم مالي إماراتي ضخم، وأفلحَ في كسب أصوات صحافيين من مختلف الدول العربية لصالح يونس مجاهد، فيما رفض صحافيو الجمهورية العربية المصرية التمويل الإماراتي، والإصطفاف إلى جانبه، وهو ما تداول فيه صحافيون مصريون من كونه أن الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب قاد حملة إستقطاب واسعة للأصوات لصالح المغرب.
وكان حبيب الصايغ أول المهنئين ليونس مجاهد، معتبراً أنه تم ترشيحه من طرف المجموعة العربية في الاتحاد الدولي للصحفيين، مشيرا إلى إن “انتخاب صحفي عربي في هذا الموقع الرفيع دليل على التواجد العربي القوي في المنظمات الدولية، بعد أن شغلت شخصيات عربية مواقع دولية مهمة، ويعكس خطوات العرب نحو التقدم والديمقراطية والرفاه الاقتصادي، كما يشير إلى قوة الأصوات العربية التي تتمسك بالحريات والحقوق العامة والخاصة”.
وتطرح أسئلة كثيرة لدى كبار الصحافيين والإعلاميين حول طريقة وصول يونس مجاهد إلى رئاسة الإتحاد الدولي للصحافيين، خصوصاً وأن النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي يظل يرأسها منذ 1998 وإلى غاية 2014، وأمين مجلسها الوطني الفيدرالي الحالي، لم يكن لها أي موقف مشرف إزاء قضايا مهمة في المنطقة كقضية صحافيي قناة “الجزيرة” المتابعين من طرف القضاء المصري، وقضية إغتيال الصحفي السعودي خاشقجي، وقضية الصحافي توفيق بوعشرين المدير العام لجريدة “أخبار اليوم”، وقضية الصحفي حميد المهداوي مدير نشر الموقع الإخباري “بديل”، فيما تعتبر هذه القضايا أساسيا ومهمة بالنسبة للإتحاد الدولي للصحفيين.
واعتبر مصدر جريدة “الصحافة” الإلكترونية، أن يونس مجاهد سيواجه مشاكل وعراقيل كبرى وعويصة في مهمة رئاسة الإتحاد الدولي للصحفيين لا سيما مع ترؤسه لمؤسسة دستورية وهي المجلس الوطني للصحافة، وهو ما سيضعه في وضع محرج مع الدولة المغربية بخصوص مواقفه من قضايا الإعلام وحرية التعبير على مستوى الدولي، والتي سيجد نفسه مجبراً على تبنيها بضغط من كبار المتحكمين في ذات التنظيم الإعلامي الدولي، وهو ما سيتعارض مع منصبه على رأس مؤسسة عمومية منصوص عليها في الدستور المملكة المغربية، وقد يجد نفسه أحيانا في تعارض صارخ مع مواقع المملكة المغربية من قضايا بعينها.