الصحافة _ كندا
بعد مضي ما يقارب سنة على تعيين عدد من كتاب الدولة ضمن التعديل الحكومي في أكتوبر 2024، بدأت تتضح ملامح حالة “التيه المؤسساتي” التي يعيشها بعضهم، حيث لا مهام فعلية، ولا اختصاصات واضحة، ولا أثر ملموس سوى التوتر والصراع داخل قطاعات وزارية تحولت إلى مسارح لتنازع الصلاحيات.
في وزارة الشغل مثلاً، يعيش هشام الصابري، كاتب الدولة، في ظل الوزير يونس السكوري، وضعية شبيهة بـ”الظل الإداري”، حيث يُمنع من تدبير الملفات الثقيلة، ويُكتفى بتكليفه بحضور بروتوكولي لصور إعلامية مع نقابات ثانوية، وسط حديث عن تهميش ممنهج ورفض للتقاسم الحقيقي للسلطة داخل الوزارة.
الوضع أكثر عبثية داخل وزارة الأسرة، حيث يجد عبد الجبار الراشدي نفسه في موقع الحارس الصامت لقرارات الوزيرة نعيمة بنيحي، التي بدورها تعاني من ضعف الحضور والفعالية، وغياب تام عن الملفات الجوهرية وعلى رأسها ورش مدونة الأسرة. في المقابل، تتحدث مصادر عن غياب أي تفويض فعلي للراشدي، الذي لا يتجاوز حضوره المناسبات الشكلية التي يتم اختياره لها بـ”الريموت كونترول” من قيادة الحزب.
تعيين أغلب هؤلاء الكُتاب لم يكن مبنيًا على أساس الحاجة الإدارية أو الكفاءة التقنية، بقدر ما كان نتاج توازنات حزبية هشة، خاصة داخل حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، في محاولة لإرضاء تيارات داخلية وتوزيع “غنيمة” السلطة بين الأجنحة المتنافسة، حتى وإن كان الثمن هو تضخم هيكلي في الحكومة دون جدوى حقيقية.
بالمقابل، يبرز استثناء يتيم في شخص لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، الذي تمكن من فرض بصمته داخل قطاعه، بتكليفات واضحة وحضور ميداني وإعلامي منتظم، ما يعكس المفارقة بين التعيين لأجل الترضية والتعيين لأجل العمل. حالة تطرح علامات استفهام كبيرة حول جدوى استمرار هذه المناصب الرمزية، التي ترهق الميزانية العمومية وتعمق اختلالات الحكامة داخل الجهاز التنفيذي.