الصحافة _ كندا
مع اقتراب موعد انطلاق كأس إفريقيا للأمم، يعيش المغرب على إيقاع دينامية شاملة تتجاوز البعد الرياضي الصرف، لتجعل من هذا الحدث القاري رافعة هيكلية للاستثمار، وتطوير البنيات التحتية، وتعزيز الجاذبية الترابية والتنافسية الاقتصادية.
وفي مختلف مدن المملكة، تتسارع وتيرة الأوراش الكبرى، وتتجدد التجهيزات، وتتقوى شبكات الربط الطرقي والسككي والجوي، في إطار تعبئة وطنية تروم إنجاح هذا الموعد القاري، وتحسين جودة الخدمات، ودعم التنمية الترابية المتوازنة والمستدامة.
ولا تقتصر هذه الدينامية على تأهيل المنشآت الرياضية، بل تندرج ضمن رؤية تنموية مندمجة، توجه فيها الاستثمارات نحو تعزيز الربط، والمرونة، وجاذبية المجال.
وفي هذا السياق، أكد علاء مراني، رئيس المرصد المغربي والإفريقي للاقتصاد الرياضي، أن الاستراتيجية التي اعتمدها المغرب تتميز بطابع استباقي وهيكلي، موضحاً في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه المقاربة لا تهدف فقط إلى تلبية متطلبات “كان 2025”، بل تندرج ضمن منظور بعيد المدى، يستحضر كأس العالم 2030، الذي تشكل كأس إفريقيا أول اختبار عملي له.
وأوضح أن تأهيل الملاعب اعتمد مقاربة مرحلية، تهم في مرحلتها الأولى مطابقة معايير الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، تليها مرحلة ثانية تستجيب لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم، خاصة في ملاعب مراكش وفاس وأكادير.
كما أبرز أن المشاريع الرياضية الجديدة بالعاصمة الرباط تجسد جيلاً متقدماً من البنيات التحتية، يقوم على مفاهيم حديثة لتجربة المشجعين والترفيه الرياضي، وفق المعايير الدولية لصناعة الرياضة.
وشدد مراني على أن هذه الأوراش تعكس استثماراً استراتيجياً في الجاذبية الترابية والاستدامة، وتؤهل المغرب للانضمام إلى نادي الدول القادرة على تحويل الأحداث الرياضية الكبرى إلى روافع للتنمية الحضرية والاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف أن هذه الدينامية تندرج في إطار الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي تجعل من الرياضة أداة للتماسك الاجتماعي، والدبلوماسية الموازية، والتأثير الدولي.
وعلى مستوى البنيات التحتية للنقل، يواكب تنظيم هذه التظاهرة أوراش واسعة لتحديث الطرق والمطارات وخطوط السكك الحديدية، بهدف تعزيز الربط الوطني ومواكبة الدينامية التي تعرفها المدن المضيفة، في أفق “كان 2025” وكأس العالم 2030.
ويشمل هذا البرنامج إعادة تأهيل المحاور الطرقية، وتوسيع عدد من المطارات، وتحديث الشبكة السككية وأنظمة النقل الحضري.
وأشار الخبير إلى أن هذه الاستثمارات تتجاوز منطق الحدث الظرفي، لتؤسس لإرث اقتصادي وسياحي واجتماعي دائم، مبرزاً أن ما يقارب 95 جنسية اقتنت تذاكر لحضور المنافسات، ما يعكس البعد العالمي للحدث وقدرة المغرب على استقطاب جمهور دولي متنوع.
وأكد مراني أن الآثار الاقتصادية المباشرة قد تكون محدودة على المدى القصير، لكنها تتجلى بوضوح على المديين المتوسط والبعيد، من خلال تحسين التنقل، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية، ودعم سوق الشغل، وتطوير اقتصاد رياضي مستدام.
وخلص إلى أن القيمة الحقيقية لكأس إفريقيا 2025 تكمن في إرثها الاستراتيجي، باعتبارها لبنة أساسية في مسار المغرب نحو تنظيم كأس العالم 2030، وترسيخ مكانته كقطب رياضي قاري ودولي.














