الصحافة _ كندا
لم تعد “القفف الرمضانية” مجرّد مبادرات إنسانية تلقى الترحيب كما في السابق، بل تحوّلت في عدد من المناطق، وعلى رأسها الحي الحسني بالدار البيضاء، إلى أدوات انتخابية بامتياز، توزع في الظل وتُخزن في الذاكرة الانتخابية.
في هذا السياق، أثار توزيع آلاف القفف من طرف برلماني بارز عن حزب الأصالة والمعاصرة موجة غضب واسعة وسط الفاعلين المحليين، الذين اعتبروا أن ما يُسمى بـ”الإحسان الحزبي” بات وسيلة لتوجيه الولاءات السياسية واستغلال هشاشة الأسر في واحدة من أكثر الفترات حساسية.
مصادر مطلعة كشفت أن هذا البرلماني قام بتوزيع أزيد من 2000 قفة خلال شهر رمضان الجاري، بشكل انتقائي وبدون أي معايير واضحة، ما أثار شكوكا حول النوايا الحقيقية وراء هذه العملية، خصوصا في ظل اقتراب الانتخابات المقبلة.
الجدل لا يقف عند عدد القفف أو الجهة الموزعة، بل يتجاوز ذلك إلى تساؤلات مشروعة حول التمويل والمصالح: من أين تأتي هذه الميزانيات؟ ولماذا تُنفق مئات الملايين لأجل موقع لا تتعدى أجرته 10 آلاف درهم شهريًا؟ تساؤلات تطرح بقوة في ظل ما يبدو أنه استثمار سياسي مقنع بغطاء اجتماعي.
ما يحدث، وفق المراقبين، هو تزايد التنافس بين وجوه سياسية معروفة داخل دوائر الحي الحسني، حيث تُستغل المناطق الهشة باعتبارها “خزانات انتخابية”، ويُجنَّد الوسطاء المحليون لتوزيع القفف بسرية تامة، في مشهد يُعيد إنتاج “الزبونية السياسية” في أبشع صورها.
بهذه الأساليب، تتحول السياسة إلى لعبة مال ونفوذ، وتُفرَّغ الممارسة الانتخابية من مضمونها النبيل، لتُختزل في كيس من المواد الغذائية لا يتجاوز عمره أسبوعًا، لكنه يكفي لشراء صوتٍ يُبقي صاحبه في موقع القرار لخمس سنوات أخرى.