الصحافة _ كندا
في الوقت الذي يئن فيه المواطن المغربي تحت وطأة ضعف الخدمات الصحية وغلاء العلاج في المصحات الخاصة، كشفت مجموعة «أكديطال» عن تحقيق قفزة مالية غير مسبوقة في رقم معاملاتها، تجاوزت 3,1 مليارات درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025، أي بزيادة 55 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
لكن خلف هذه الأرقام اللامعة، ترتسم أسئلة حارقة حول مصدر هذه الطفرة المالية السريعة، ومدى ارتباطها بموجة التوسع التي تشهدها المجموعة في ظرف وجيز، وسط اتهامات غير مباشرة باستفادتها من تسهيلات مالية عمومية تحت غطاء “إصلاح المنظومة الصحية”.
فحسب البلاغ الرسمي المنشور على موقع الهيئة المغربية لسوق الرساميل، بلغ رقم المعاملات خلال الفصل الثالث فقط 1,030 مليار درهم، مدفوعًا بالأداء القوي للمؤسسات الجديدة التي افتتحتها المجموعة في 2024 و2025، والتي ساهمت بما يقارب 946 مليون درهم في الإيرادات.
أما الاستثمارات التراكمية، فقد بلغت 1,024 مليار درهم، بزيادة 25 في المائة، وهو رقم يوحي بمخطط توسّع عدواني يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصادر التمويل ودرجة المخاطرة في ظل غياب الشفافية الكاملة حول علاقات المجموعة مع الفاعلين العموميين.
البيان ذاته أقرّ بارتفاع صافي المديونية إلى 3,438 مليار درهم بنهاية شتنبر 2025، بعد أن كان 1,753 مليارًا فقط في دجنبر 2024، أي تضاعف الدين خلال تسعة أشهر، في وقت تؤكد المجموعة أن الأمر “يدخل ضمن استراتيجية التوسع والتمويل الخارجي”.
لكن هذا التبرير، في نظر مراقبين، لا يخفي حقيقة أن القطاع الصحي الخاص يعيش تضخمًا ماليًا غير متوازن مع مردودية الخدمات وجودتها، خصوصًا وأن المصحات التابعة لـ«أكديطال» واجهت شكايات متزايدة حول غلاء الأسعار وضعف التواصل مع المرضى.
ويأتي هذا الإعلان المالي في سياق وطني حساس، حيث تتصاعد الانتقادات ضد تحويل الصحة إلى مجال ربحي محض، بينما تنفي الحكومة أي دعم مباشر للمصحات الخاصة، رغم المؤشرات التي تظهر استفادة غير مباشرة من التسهيلات البنكية والضريبية في إطار إصلاح المنظومة الصحية.
وفي الوقت الذي تسوّق فيه «أكديطال» نفسها كقصة نجاح وطنية، يرى كثيرون أن هذه “القفزة الخرافية” في الأرباح تؤكد اختلال التوازن بين منطق الاستثمار ومنطق الخدمة العمومية، وتكشف عن نموذج صحي يميل إلى السوق أكثر مما يخدم المريض.
فهل نحن أمام نجاح اقتصادي مشروع، أم أمام نتيجة منظومة صحية تُدار بمبدأ الربح قبل الحق في العلاج؟
سؤال يظل معلقًا في انتظار شفافية حقيقية حول علاقة المال بالصحة، وحول من يستفيد فعليًا من “المنظومة الجديدة” التي وُعد بها المغاربة.














