الصحافة _ كندا
أعادت تقارير إعلامية إسبانية فتح النقاش حول الدور المحتمل لدولة قطر في ملف الصحراء المغربية، في سياق إقليمي يتسم باستمرار الجمود السياسي وتعثر مسارات التسوية، وسط تنافس حاد بين المغرب والجزائر وتداخل متزايد لمصالح دولية متباينة.
ووفق قراءة تحليلية نشرتها صحيفة إسبانية، فإن الدوحة راكمت منذ مطلع الألفية رصيدا دبلوماسيا هادئا في هذا النزاع، يعود بالأساس إلى تدخلها الإنساني الذي أفضى إلى الإفراج عن حوالي مئة أسير حرب مغربي كانوا محتجزين لدى جبهة البوليساريو بمخيمات تندوف، وهي خطوة اكتملت سنة 2004 وخففت آنذاك من أحد أكثر ملفات النزاع حساسية وتعقيدا.
هذا التدخل، بحسب التقرير، لم يكن معزولا، بل شكل منطلقا لنهج قطري يقوم على إدارة الأزمات وبناء قنوات التواصل بدل فرض حلول نهائية، وهو الأسلوب ذاته الذي اعتمدته الدوحة لاحقا في ملفات دولية شديدة التعقيد، من غزة وأفغانستان إلى اليمن وكولومبيا.
ويستند هذا النهج إلى قدرة قطر على التواصل مع أطراف متخاصمة لا تجمعها في الغالب أي قنوات حوار مباشرة.
ويعزز هذا التوجه إطار دستوري وسياسي يعتبر الوساطة جزءا من هوية السياسة الخارجية القطرية، حيث جرى منذ 2004 تطوير أدوات دبلوماسية متخصصة في خفض التصعيد وتيسير الاتفاقات الجزئية، قبل أن يتعزز هذا المسار بشكل أوضح ابتداء من 2023 عبر إحداث مناصب وزارية خاصة بالوساطة وتوسيع شبكة المبعوثين.
ورغم هذا الإرث، تحرص الدوحة، وفق ما تنقله الصحافة الإسبانية، على نفي وجود أي وساطة رسمية جارية في ملف الصحراء، مؤكدة أن المغرب والجزائر دولتان شقيقتان، وأنه لم يصدر أي طلب رسمي للقيام بدور وساطة بينهما، مع التشديد على أن الحل يبقى ممكنا عبر حوار مباشر بين الأطراف المعنية.
في المقابل، تنظر جبهة البوليساريو بحذر إلى أي أدوار خارج الإطار الأممي، مؤكدة أن أي مسار يجب أن يلتزم بمرجعية الأمم المتحدة، في ظل تنامي الشكوك حول حياد بعض القوى الدولية، خاصة مع عودة الحديث عن مبادرات سياسية سريعة لا تحظى بإجماع جميع الأطراف.
ويأتي هذا النقاش في سياق قرار حديث لمجلس الأمن يدعو إلى استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، بالتوازي مع تحركات أمريكية نحو صيغة إقليمية أوسع تشمل المغرب والجزائر، وهي مقاربة يعتبرها بعض المراقبين إشكالية، بالنظر إلى عمق الخلاف التاريخي بين الجارين واستحالة فصل النزاع عن مسار تصفية الاستعمار وعن تراكمات انعدام الثقة.
ويرى محللون دوليون أن فرص أي وساطة خارج الإطار الأممي تظل محدودة، خاصة في ظل حساسية الجزائر تجاه أدوار إقليمية قادمة من الخليج، وتوجس البوليساريو من أي مسار لا يمنح أولوية واضحة للشرعية الدولية.
ومع ذلك، يقر هؤلاء بأن قطر تبقى من بين الفاعلين الإقليميين القلائل القادرين، نظريا، على مخاطبة مختلف الأطراف، بالنظر إلى علاقاتها المتوازنة مع الرباط والجزائر واستثماراتها الاقتصادية في البلدين.
وتخلص القراءة العامة للتقرير إلى أن الدوحة تمتلك الخبرة والأدوات والرصيد الدبلوماسي للاضطلاع بدور وساطة محتمل، غير أن غياب شرط أساسي يتمثل في طلب صريح وتوافق مبدئي من الأطراف المعنية، يجعل هذا الدور، في الوقت الراهن، أقرب إلى احتمال نظري منه إلى مسار سياسي فعلي.














