قطاع العقار بالمغرب : أزمة صامتة أم انهيار قادم؟

24 يوليو 2025
قطاع العقار بالمغرب : أزمة صامتة أم انهيار قادم؟

الصحافة _ عدراوي عبدالرحمان – كندا

يشهد السوق العقاري المغربي واحدة من أسوأ أزماته في السنوات الأخيرة. لم تعد المسألة مجرّد اضطراب ظرفي، بل أضحت أزمة هيكلية تكشف عن اختلالات عميقة، لم يعد بمقدور عودة المغاربة المقيمين في الخارج، ولا الوعود الرسمية، إخفاءها.

الأرقام واضحة وصادمة: تراجعت المبيعات بنسبة تتراوح بين 30 و40٪، بل وأكثر حسب المهنيين. هذا الانخفاض الحاد يعكس تدهور القدرة الشرائية، سواء داخل البلاد أو في صفوف الجالية المغربية بالخارج. ففي ظل التضخم الذي تعرفه بلدان الإقامة، أجّل العديد من أفراد الجالية مشاريعهم العقارية، بل وتخلّوا عنها.

وتُفاقم هذه الأزمةَ زيادةُ تكاليف البناء. فقد أدّت أسعار المواد، المتأثرة بأسواق الطاقة العالمية، إلى ارتفاع حاد في الكُلفة، مما انعكس مباشرة على أسعار البيع، في وقتٍ تراجعت فيه القدرة الشرائية.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو نُدرة الأراضي القابلة للبناء، سواء في المدن الكبرى أو في المدن المتوسطة، مما يعمّق الهوّة بين العرض والطلب. ويُضيف إلى هذا الخلل تأثيرٌ سلبي للجباية المحلية، خاصة الضريبة على الأراضي غير المبنية، التي تُثني عن تعبئة العقار للبناء.

أما على المستوى الإداري، فالاختلالات كثيرة. فآجال معالجة الملفات قد تتجاوز السنة، في حين أن منصة “توثيق” الرقمية الخاصة بالمعاملات العقارية ما زالت معطّلة منذ يونيو بسبب هجوم سيبراني، مما أدى إلى شلل في عمليات البيع والشراء. النتيجة: سوق متجمّد وقطاع فقد ديناميكيته.

أما برنامج دعم السكن “دعم سكن”، الذي كان يُنتظر منه تحريك الطلب، فقد أبان عن محدوديته. فهو غير ملائم خصوصاً للمدن الكبرى، ولم يحقق الأثر المنتظر، باعتراف الفاعلين أنفسهم.

وفي هذا السياق الخانق، تُطرح استضافة كأس العالم 2030 كشُعلة أمل لإنعاش القطاع. لكنها لن تُثمر إلا إذا أُعيد النظر جذرياً في أسس المنظومة العقارية.

إن الوقت يداهمنا. فالإصلاح الإداري أصبح ضرورة: تبسيط المساطر، تقليص الآجال، وضمان الأمن السيبراني للمنصات الرقمية. كما أن الجباية المحلية تحتاج إلى تعديل لتحفيز تعبئة العقار. ويجب إعادة صياغة دعم السكن ليخدم فعلاً الفئات الوسطى والهشة.

كما ينبغي إعادة التفكير في مكانة الجالية المغربية ضمن الإستراتيجية العقارية الوطنية، ليس فقط كمصدر للعملة الصعبة، بل كشريك حقيقي عبر منتجات عقارية تناسب حاجياتهم وقدراتهم.

لا يمكن للمغرب أن يقف مكتوف الأيدي أمام انهيار قطاعه العقاري. فهو ركيزة من ركائز النمو والتشغيل والاستقرار الاجتماعي. وعلى بعد ست سنوات من كأس العالم، لم يعد هناك متّسع لأنصاف الحلول. إنما نحن بحاجة إلى سياسة شجاعة، منسجمة، وجذرية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق