الصحافة _ كندا
لم يكن انتصار المنتخب الوطني المغربي في افتتاح كأس إفريقيا للأمم “المغرب 2025” محطة رقمية في مسار البطولة فحسب، بل تعبيراً صريحاً عن نضج كروي ورؤية وطنية متكاملة تتجاوز منطق النتائج الظرفية نحو ترسيخ موقع المغرب كقوة رياضية قارياً ودولياً.
فقد قدّم “أسود الأطلس” عرضاً متماسكاً، اتسم بالانضباط التكتيكي والسيطرة الذهنية، وأبان عن قدرة واضحة على إدارة مجريات اللقاء في مختلف لحظاته، سواء في فترات الضغط أو عند مواجهة الصعوبات.
على المستوى التقني، عكس الأداء الجماعي للمنتخب شخصية فريق يعرف ماذا يريد فوق أرضية الميدان. فبرغم إهدار ركلة جزاء مبكرة وخروج قائد المجموعة بداعي الإصابة، حافظ اللاعبون على توازنهم وثقتهم، ونجحوا في فرض أسلوبهم إلى غاية الحسم بهدفين نظيفين، أحدهما حمل توقيعاً فنياً راقياً يعكس جودة المدرسة الكروية الوطنية وتطورها المستمر.
هذا النوع من الانتصارات يعبّر عن فريق يمتلك العمق والبدائل، ويؤكد أن الخيارات التقنية مبنية على رؤية واضحة لا على الارتجال.
غير أن دلالة هذه المباراة لا تنحصر في بعدها الرياضي فقط، بل تمتد إلى بعدها الرمزي والوطني. فقد جرت المواجهة في أجواء سيادية مهيبة، بحضور صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وهو حضور يعكس العناية الخاصة التي تحظى بها الرياضة الوطنية ضمن المشروع التنموي الشامل للمملكة، ويكرّس ارتباط كرة القدم بالهوية والانتماء والاعتزاز بالراية الوطنية.
كما أن هذا المشهد يعزز الإحساس الجماعي بأن المنتخب ليس فريقاً يمثل بلداً فحسب، بل واجهة لقيم مغربية قائمة على الجدية والانضباط والطموح.
وفي هذا الإطار، يبرز الدور المحوري لفوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي أسهم بشكل واضح في بناء منظومة كروية متماسكة، قوامها التخطيط الاستراتيجي، والاستثمار في البنيات التحتية، والرفع من مستوى التكوين، إلى جانب الدفاع عن المصالح الوطنية داخل الهيئات القارية والدولية.
إن ما يحققه المنتخب اليوم هو ثمرة مسار طويل من العمل الهادئ، الذي أعاد لكرة القدم المغربية استقرارها وهيبتها وقدرتها على المنافسة في أعلى المستويات.
إن هذا الفوز الافتتاحي يبعث برسالة ثقة إلى الجماهير المغربية، مفادها أن المنتخب يسير بثبات نحو تحقيق طموحات مشروعة، وأن “تمغربيت” لم تعد شعاراً عاطفياً، بل ممارسة يومية تتجلى في الالتزام، واحترام القميص الوطني، والعمل الجماعي.
وبين أداء قوي، ودعم مؤسساتي رفيع، وحضور جماهيري وطني، يواصل المنتخب المغربي ترسيخ مكانته كعنوان لفخر رياضي يجمع المغاربة حول مشروع واحد، عنوانه الإتقان والطموح ورفع الراية الوطنية عالياً.














