الصحافة _ كندا
في أولى مهامه بعد تعيينه من طرف الملك محمد السادس رئيساً جديداً للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يجد عبد القادر اعمارة نفسه أمام إرث ثقيل تركه سلفه أحمد رضا الشامي، يتمثل في تقرير جريء يسلّط الضوء على أعطاب مخطط المغرب الأخضر، ويطرح بديلاً فلاحياً أكثر عدلاً واستدامة.
التقرير، الذي يحمل عنواناً لافتاً: “من أجل مقاربة مبتكرة، دامجة، مستدامة، ذات بُعد ترابي وأكثر ملاءمة للفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة”، كان من المنتظر تقديمه رسمياً يوم الثلاثاء 25 مارس 2025، غير أن التغيير في قيادة المجلس حال دون ذلك، وتم تأجيل موعد الكشف عنه لإتمام ترتيبات تسليم السلط بين الرئيسين.
مضمون التقرير ليس عادياً. بل يُعتبر أشبه بـ”رأي نقدي مؤسس” تجاه السياسات الفلاحية المتبعة منذ إطلاق مخطط المغرب الأخضر. فبينما ركّز هذا الأخير على تشجيع الاستثمارات الكبرى والإنتاج الموجّه للتصدير، يعيد تقرير المجلس الاعتبار لما يسميه بـ”الفلاحة المعيشية” التي كانت، لعقود، العمود الفقري للأمن الغذائي بالمغرب، قبل أن تتراجع بشكل لافت لصالح إقطاعيات ضخمة لم تُفلح في تقليص التبعية الغذائية للخارج.
التقرير يُحمّل المقاربة الحالية جزءاً من المسؤولية في تهميش الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة، ويدعو إلى إعادة توجيه السياسات العمومية نحو دعم هذا النمط الفلاحي الذي يرتكز على العدالة المجالية، والتمكين الاقتصادي للفلاحين الصغار، وحماية الموارد الطبيعية، مع إدماج فعلي للبعد الترابي في التخطيط.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بهذا الرأي، يضع ملف الفلاحة في قلب النقاش العمومي، ويضع في نفس الوقت القيادة الجديدة للمجلس أمام تحدي بلورة رؤية استراتيجية تتجاوز الملاحظات التقليدية، وتنتقل من التشخيص إلى الفعل.