الصحافة _ كندا
كشفت مصادر مهنية أن الكميات الكبيرة من البرتقال المنتشرة في الأسواق المغربية هذا الموسم، لا تعكس نجاحًا فلاحيا داخليًا، بل نتيجة مباشرة لفشل تصدير شحنات ضخمة من صنف “فالنسيا” نحو السوق الأوروبية، بسبب تشديد سلطات المراقبة في موانئ إسبانيا وفرنسا على معايير دقيقة تتعلق بالحجم والشكل والاستدارة، وحتى نسبة العصارة والحموضة.
وأوضحت المصادر أن نحو 38 ألف طن من هذا النوع الرفيع لم يُسمح لها بعبور الحدود الأوروبية خلال الربع الأول من السنة، ما اضطر المصدرين إلى إعادة توجيهها نحو السوق المحلية، لتغمر محلات البيع وأسواق الجملة بوفرة غير معتادة، وتسفر عن تراجع أسعار البيع بحوالي 40% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويُعد “فالنسيا” من أبرز أنواع البرتقال المطلوبة في أوروبا، لجمعه بين خصائص الأكل والعصر، عكس صنف “نافيل” المخصص للاستهلاك الطازج. ورغم قوته التنافسية، إلا أن المنتج المغربي بات في موقع ضعيف أمام منافسين من مصر وإسبانيا، في ظل معايير أوروبية متشددة تُطرح تحت يافطة “السلامة الغذائية”، والتي أدت في سنة 2024 وحدها إلى رفض 17 شحنة مغربية، بحسب الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية (EFSA).
وتعيد هذه الانتكاسة إلى الأذهان أزمة 2018، حين اضطر فلاحو سوس والغرب إلى تقليص المساحات المزروعة بسبب انهيار الأسعار وغياب قنوات التسويق، مسجلين خسائر قاربت 300 مليون درهم، وسط غياب البنية التحتية للتبريد والتخزين، ما تسبب آنذاك في إتلاف آلاف الأطنان من البرتقال.
اليوم، يتجدد النقاش حول مآلات السياسة الفلاحية التي تستند إلى التصدير المكثف، بينما السوق الداخلية تُعامل كخيار ثانٍ بعد “الرفض الأوروبي”. فهل نجح برنامج “الجيل الأخضر” في خلق منظومة عادلة ومستقرة؟ أم أن الفلاح الصغير سيظل رهينة قرارات بروكسيل ومزاج أسواق الخارج؟
فالنسيا المرفوض أوروبياً يُغرق الأسواق المغربية ويكشف هشاشة نموذج التصدير
5 مايو 2025