الصحافة _ فوزية لهلال
حتى نفهم عقلية المخزن المغربي، سأبدأ مقالي بحكاية طريفة للأمير المغربي هشام العلوي : يحكي الأمير أنه واسرته كانوا في رحلة سياحية إلى ولاية ميشيغان الأمريكية ،وخلال احدى جولاتهم، حاول خادمان للأسرة استخدام خط لهاتف خاص مثبت من طرف عناصر الأمن الأمريكي، وقد كتب عليه هذا التحذير: «مكتب التحقيقات الفيدرالي، للاستعمال الرسمي فقط “.لما رأى الأمير الخادمان يحاولان استخدام الهاتف، حذَّرهما من مغبَّة عدم احترام القانون، وربما التعرُّض للاعتقال الفوري، في اليوم التالي، بجوار الهاتف المذكور، كان شرطي أمريكي يلتهم البسطيلة المغربية، وسلاحه على الطاولة، وعلامات الغبطة بادية على وجهه، بينما الخادمان يتحدَّثان باطمئنان على الهاتف مع مراكش، والشرطي يقول لهما: «لا عليكما خذا وقتكما..
حتى الشرطي الأمريكي لم ينجُ من المخزنة! يعلِّقُ الأمير في كتابه.
انها إحدى قواعد المخزن.. ان تغرقك في الامتيازات، لتاخذ منك ما تريد وعن تراضٍ.. مقايضة المتعة بالتخلي عن احترام القانون في حالة الشرطي.
في المغرب كل شيء مْمَخْزَن..
المخزن هو المانح..يكافئ ويعاقب..يمنح ويسترد..يغضب ويصفح..يقرِّب ويُبعد..هو الباطش حدَّ الموت..المختطف لرعاياه..مصَّاصُ الدِّماء..مهندس فيلم رعب إسمه تازمامارت..
انَّه القبضة الأمنية المحكمة على كل الحالمين بالعدالة والديموقراطية، المتسائلين عن الثَّروات..
دولة خلف الدولة..الحاكم الحقيقي الذي يدير اللعبة كلها، ويسلط الأضواء الكاشفة على اراجوزات بلا صلاحية!
غول يستهويه الظلام..في كل حومة وكل زنقة وكل فج له “مْقَدْمِيَّة ” وجواسيس…إنه عين النظام المتربصة..بل إنه النظام ..الغول الذي كلما زاد خوفه…تمادى في بطشه..يخاف الديموقراطية، حقوق الإنسان، يخاف المعطلين، يخاف صوت الكرامة والحرية، يخاف التساؤل..يخاف الوعي….يخاف صوت الزفزافي وصوت المهداوي…و…و… ……يخاااااااف فيحكم القبضة الأمنية.
الديموقراطية موت للمخزن…انَّهما الخطان المتوازيان!
في دولة المخزن، أنتَ مُخَضَّعْ.. مُرَوَّض، لا يمكنك الحلم بتوزيعٍ عادلٍ للثروات، وهذا الغول ناشب مخالبه في كلِّ شيء.. ويتحكَّم في كل شيء!
حتى النُّخب السياسية، يتم اختيارها وتقريبها كلما زادت قدرتها على التملق والانحناء.. والولاء له، وعلى رأي الشهيد المهدي بن بركة: «إذا انحنيت كثيرا، وقمتَ بتقبيل اليد، فسوف تمنح المكافأة دون شك.
هاته هي عقلية المخزن، التي نريد القطع معها.. انه العهد البائد الذي لا يمكنه الصمود امام الحلم الديموقراطي مهما طال الزمن.
حتى الخطب على المنابر، لم تنجُ من تامخزنيت، خطبٌ تُسَوِّقُ للطاعة والخضوع، تنادي بإسلام آخر، غير الذي حرر بلالا من العبودية، إنه ليس إسلام الحرية والكرامة الذي دافع به اجدادنا عن الأرض/العرض انطلاقا من عقيدة راسخة تُحَرِّر ولا تستعبد..
إسلام المنابر بخطبه الممخزنة يكرس لمزيد من الاخضاع وحنيان الراس…كونوا عبيدا لغير الله.. ولكم الجزاء في الآخرة!
السؤال الجوهري الآن: ما علاقة الملكية بالمخزن؟
البعض يذهب أن الملكية والمخزن ثنائي غير قابل للانفصال.. والذين يتبنون هذا القول نحيلهم على الديموقراطيات الملكية في العالم.. الإنجليزية والهولندية والإسبانية، إنها الملكيات التي ذهبت في طريق التغيير ونجحت فيه.
نعم لملكية دستورية
لا للمخزن