الصحافة _ كندا
تشهد مخيمات تندوف موجة جديدة من الغضب الشعبي والانقسام السياسي، على خلفية تعثّر قيادة جبهة البوليساريو في تحديد موعد المؤتمر التنظيمي المقبل، وسط اتهامات متصاعدة بالتحايل على القانون الداخلي وتعطيل مبدأ التداول الديمقراطي داخل هياكل الجبهة.
مصادر مطلعة كشفت أن الاجتماع الأخير للأمانة الوطنية، المنعقد قبل أسبوعين، لم يُفضِ إلى أي توافق بشأن الجدولة الزمنية لعقد المؤتمر، بل تحول إلى ساحة تبادل عنيف للاتهامات بين قياديين بارزين، بعضهم وجّه انتقادات مباشرة لأسلوب التدبير “العقيم” وغياب أي رؤية إصلاحية تخرج التنظيم من حالة الجمود التي يعيشها منذ سنوات.
هذا التوتر السياسي وجد صداه في مخيمات تندوف، حيث وقّع العشرات من النشطاء على عريضة تطالب بتفعيل المساطر القانونية لعقد المؤتمر دون تأجيل إضافي، محملين القيادة الحالية مسؤولية ما وصفوه بـ”الانحراف التنظيمي والتآكل الداخلي”.
في خضم هذا الجدل، عاد اسم القاضي السابق مولاي أبهيدة إلى الواجهة، بعد سنوات من الإبعاد بسبب ملفات مثيرة للجدل تتعلق بتبرئة شخصيات بارزة داخل الجبهة من تهم داخلية. أبهيدة أدلى بتصريح ناري اعتبر فيه أن أي محاولة لتأجيل المؤتمر مرة أخرى ستكون “انقلابًا على القانون الأساسي”، مستندًا إلى المادة 44 من النظام الداخلي، التي تحدد أجل ثلاث سنوات كمدة فاصلة بين مؤتمرين، مع إمكانية تمديد استثنائي لسنة واحدة فقط، وبشروط صارمة.
وأكد أبهيدة أن هذا النص لا يقبل التأويل أو التجاوز، وأن أي قرار خارج هذا الإطار يفقد القيادة شرعيتها ويجعل قراراتها قابلة للطعن من الناحية القانونية والتنظيمية، وهو ما من شأنه أن يعمّق حالة الفراغ المؤسساتي ويزيد من تفكك البنية التنظيمية للجبهة.
وتتزامن هذه الأزمة مع تدهور غير مسبوق في الأوضاع الأمنية والاجتماعية داخل المخيمات، في ظل تصاعد التوترات القبلية، وتفشي مظاهر التسيب، وتنامي التذمر من غياب أي أفق سياسي أو اقتصادي واضح، ما يُنذر بانفجار داخلي قد يعصف بما تبقى من تماسك الجبهة.
ويرى متابعون أن هذه التطورات تعكس بداية تصدع داخلي عميق يضرب مشروع البوليساريو في العمق، ويضع شرعية قيادته على المحك، وسط مطالب متزايدة بإعادة النظر في شكل القيادة وطبيعة المشروع ككل، بعدما فقدت الجبهة الكثير من الزخم والمصداقية داخل أوساط الشباب والكوادر المنتسبة إليها.