بقلم: عبد المجيد مومر الزيراوي
بِمَا أَنَّ مُتونَ ” المَفْرُوشْ مِن أخْبارِ عزيز أخْنوشْ ” تُطْلِعُنَا على شدة إعجابِهِ بأغاني الشاب رضا الطالْيانِي ، فإنِّي أدعو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار إلى الانفتاح على راي الشاب بلال و بالخصوص أغنيتَهُ الشهيرة ” وَاهْ نْتُومَا طَنَّازَة ” ، مع إِقْتِباسِ عُنوانِها كَشِعارٍ يَخْتَصِرُ مضمونَ البيانِ الذي نشرَهُ حزب أخنوش. و ذلك لأنَّ البَّاطْرُونْ عزيز ضاعَ في إِشْكاليَّةِ التوْفِيقِ بيْن الردِّ و الصَّمْتِ،ثمَّ إِخْتارَ الحَمِيِّة الحِزْبية عِوضَ التفاعل بمسؤولية و سَلْكِ طريق المساطر القانونية في التَّرَاسُلِ و التَّعْقيبِ على تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي أماطَت اللِّثامَ عن إِخْتِلاَلات واضحةٍ في تدبير القطاعات الوزارية التي يشرف عليها رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار .
و لأن بَّا عزيز شَريفٌ وَ مُخْلِصٌ، فإنَّ كلَّ مَا في الأمر أن أخنوش قد عَمَّرَ طويلًا في مسار الإشرافِ الفِعلِي على تنفيذ مخطط المغرب الأخضر دون أن تَخْضَرَّ حياةُ الفلاحِ اليومية بلون التنمية القروية ..
و لأن بَّا عزيز مُثابِرٌ و صَبُورٌ فإنَّ الأَمَلَ في نَجَاحِهِ قَد إنْقَضَى أَجَلُهُ، بعد سنواتٍ مديدةٍ من توزيع الوعود التِي إِنْتَهَتْ إلى نتيجة تَخَلُّفٍ واضحٍ عن مواعيد إنجاز إصلاحات كثيرة. و منها مُخطط الصيد البحري “اليوتيس” ، الذي إستمر جامِدًا مُجَمَّدًا بدون لجنة للقيادة الاستراتيجية أو لجنة للتَّتبُّع العَمَلِيَاتي . كما أنه لم يتم تحديد الميزانيات المخصصة ومصادر التمويل ومخطط تنفيذ مختلف المخططات المبرمجة.
و لأن بَّا عزيز كان على أُهْبَةِ الإِرْتِمَاءِ على طَرائِدِهِ الوزارِية بعد جولة التعديل الأولى التي ” غرق فيها ” رئيس الحكومة سعد العثماني. فقد اعتبر أخنوش هذه التقارير تشويشا متعمدا يريد زعزعة مسار التعديل الحكومي.
و لأن بَّا عزيز يحترم دولة المؤسسات فقد قاد هجمة مرتدة عبر بيان رسمي للمكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار ، رغم أن الأمر يخص خلاصات تقارير حول طريقة تدبير إدارة عمومية و مالية عامة و ليس صراعا حول الشرعية التنظيمية حاملا لخصومة فروع حزبية .
و لأن بَّا عزيز ليس فَظًّا و لاَ غَليظَ القلْبِ حَتَّى يَنْفَضَّ مَكْتَبُهُ السياسي من حَوْلِهِ ، و لأنَّ البَّاطْرُونْ أَخْنُّوشْ ” عَنْدُو بَاشْ يَتْبَرَّعْ عْليهُمْ في انتخَابَات 2021 ” فقد تَدَاعَتْ لَهُ سائرُ العُصْبَةِ الحِزْبِيَّةِ بالسَّهَرِ و حُمَّى صياغةِ بيانِ تَحْقِيرِ عَمَلِ مؤسسة دستورية ، و الطعن في سلامة الذمة الأخلاقية لتقارير المجلس الأعلى للحسابات.
و لأن بَّا عزيز وَلد النَّاسْ وَ سَخِيُّ وْ دَارْ الثَّرْوَة بِزِيرُو رِيعْ. هَا هُو يَطْمَعُ في التعدد الاستثماري و الجمع بين الثروة و السلطة السياسية ، بل إِنْتَقلَ الى حالة النَّرْجِسِيّة القُصْوَى و وَضَعَ نَفْسَهُ فَوْقَ المحاسبة..
إذنْ .. هَكَذا تَتوَاصلُ مُضَارَبَات التَّمَرُّدِ الحِزْبي ضد باقي المؤسسات الدستورية ، فَمِنْ بيان حزب العدالة و التنمية الذي كان بِمَثابَة التجسيد السياسي لِغَزْوَة ” لَنْ نُسلمَ لَكُمْ أَخَانَا ” ،ذاك البيان الذي اعتبر قرارَ متابعة عبد العلي حامي الدين بتهمة المساهمة في القتل وإحالته على غرفة الجنايات ، قرارًا يسيرُ في الاتجاه المعاكس لدولة حقوق الانسان، ويمس بقواعد دولة الحق والقانون، كما دعا نفس البيان إلى تكريس القواعد الأساسية للمحاكمة العادلة وتحقيق الأمن القضائي.
ها نحن نَصِلُ اليوم إلى بيان حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يُدافِعُ عن وزير أَزرقٍ لاَحَتْ شُبهاتُ عَدَمِ اضطلاعِهِ بالمهام الدستورية المُوكَلَة إِلَيْه.حيث وَجّهَ حزب أخنوش تَجْرِيحاً خطيرًا في نزاهة و شفافية التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات و طريقة إعداده، و دَعَا البيان إلى ما أسماه ” البناء السليم لمنهجية عمل المؤسسات الدستورية وحماية استقلاليتها عن أي تعريض سياسي أو أي زج بها في صراعات ضيّقة خدمة لطرف دون آخر”.
و الأدهى من ذلك، أن المكتب السياسي لحزب الحمامة أَقَرَّ بِتقديمِ عزيز أخنوش – رئيس الحزب- لِتَوضحيات ومعطيات دقيقة تخص التقرير و مخطط المغرب الأخضر و استراتيجية “أليوتيس”. و وصفَ ما جاءَ في تقرير المجلس الأعلى للحسابات بـ”المعطيات المغلوطة والتي لا تستند على أيّ أساس” ، بعد أن قدمَ لهم – خلال اجتماع حزبي داخلي!! – الأرقام التي توضح النتائج الإيجابية لهذين القطاعين .
فَمَتَى أَصْبَحَتْ المكاتِب السيَّاسيَّة للأحزاب حَاصِلَةً على إختصاصات المحاكم المالية أو صلاحيات المجلس الأعلى للحسابات الذي هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة، ويضمن الدستور استقلاله؟!.
و مِنْهُ نمضي مع تنبيه الباطرون عزيز أخنوش إلى أنَّ المغربَ وطنٌ بحاجة إلى مؤسَّسات دولةٍ تعيشُ زَمَنَها الدستوري و تُفَعِّلُ أَحَدَ أَعْقَلِ أحكامِه: أَنْ لَا أَحَدَ فوق المحاسبة مثلما جاء في الميثاق الدستوري الأسمى، و أنْ لاَ حكامة جَيِّدَة إذا إِقْتَرَنَ التطبيقُ بالتَّمْيِّيز و الإنتقائِية.
و بالتالي يظل من شروط نجاح المرحلة الجديدة الكَفّ عن الممارسات الحزبية المُسيئَة التي يُشْتَبَهُ فيها مناورات التحريض على الإفلات من العقاب. لأن تخليق الحياة السياسية العامة يصطدمُ – دائمًا و أبدًا – بواقع القصور الذاتي عن سِعَةِ الصَّدْرِ و الفَهْمِ و حُسْنِ التنفيذِ و سُرعة الإنجازِ لَدَى الأحزابِ التي تساهم في إدارة شؤون الدولة من خلال السير في إتجاه معاكسٍ للتوجيهات الملكية السامية.و التي دعت كل أولئك الفاعلين إلى الترفع عن الخلافات الظرفية، والعمل على تحسين أداء الإدارة، وضمان السير السليم للمؤسسات، بما يُعَزِّزُ الثقة والطمأنينة داخل المجتمع و بين كل مكوناته ، و التركيز على الاوراش الاجتماعية.