علاقات فرنسا والمغرب في حاجة إلى الأفعال لا إلى الأقوال

19 فبراير 2024
علاقات فرنسا والمغرب في حاجة إلى الأفعال لا إلى الأقوال

الصحافة _ وكالات

حديث السفير الفرنسي بالمغرب كريستوف لوكورتييه يوم الجمعة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق بالدار البيضاء لم ينجح في التخلّص من لغة الخشب التي تتقنها النخب السياسية الفرنسية بامتياز. لقد تحدّث السفير خلال هذه الندوة عن مختلف القضايا التي تهم العلاقات الفرنسية المغربية وأكثر من المديح والثناء ورسم صورة رومانسية عن هذه العلاقات وتاريخها وواقعها لكنّه للأسف لم يستطع أن يجيب عن أسئلة قضية الصحراء المغربية إجابات واضحة وحاسمة. موقفه يعكس موقف بلاده وحكومته تماما. كثير من المجاملة والدبلوماسية وقليل من المواقف الشجاعة والنهائية. عندما سُئل السفير الفرنسي عن هذا الموضوع أجاب بطرح سؤال بدلاً من أن يقدّم جوابا مباشرا وصريحا.

السفير الفرنسي الذي كان يقدّم محاضرة بكلية عين الشق استفاض في الحديث عن العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية، لكنّ حديثه عن ملف الصحراء المغربية ظلّ مَشوباً بالكثير من الغموض واللّامعنى. في هذا السياق قال لوكورتييه: “هذا موضوع مهم جدا، إذ كيف يمكن أن نطمح إلى تحقيق ما نتحدث عنه دون أخذ الاهتمامات الكبرى للمملكة حول الموضوع بعين الاعتبار؟ من الغباء وعدم الاحترام تصور أننا نستطيع بناء ما نطمح إليه لَبِنةً لبنة دون توضيح هذا الموضوع، ودون الاعتراف بالوضع الأساسي للموضوع بالنسبة للمغرب، أمس واليوم وغدا”. إذا تأملنا هذه الفقرة جيدا سندرك المعنى الحقيقي للغة الخشب واستمرار المسؤولين الفرنسيين في تجاهل الاحتياجات الأساسية لبلادنا.

ما ينتظره المغرب من فرنسا ليس هو إطلاق الشعارات وسيول المديح والثناء وإعلان النوايا. ما ينتظره أكثر من مجرد توجهات أو أفكار إيجابية. ما ينتظره المغرب ببساطة هو قرار رسمي يقضي بإعلان اعتراف نهائي بمغربية الصحراء وفتح قنصلية أو تمثيلية دبلوماسية في إحدى مدن الأقاليم الجنوبية، مثلما فعلت العديد من الدول الصديقة والشقيقة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة وغيرها. من المفروض أن تكون فرنسا بحكم عراقة هذه العلاقات التي تحدث عنها السيد السفير سبّاقة إلى اتخاذ هذا القرار وتنفيذه. والمغرب لا يطلب من فرنسا معروفا، بل يريدها أن تتحمّل أيضا مسؤولياتها التاريخية على غرار إسبانيا القوة الاستعمارية الأخرى التي أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في اختلاق هذه الأزمة في لحظة من اللحظات.

لم يتردد السفير لكوتورتييه في التصريح بأن العلاقات بين المغرب وفرنسا في حاجة إلى تجديد. لكنه لم يتحدث كثيرا عن معايير هذا التجديد والتطوير. بالنسبة إلينا في المغرب هذه المعايير واضحة وتبدأ أولا وقبل كل شيء من رفع اللبس عن الموقف الفرنسي تجاه قضية الوحدة الترابية للمغرب. وحدتنا الترابية خطّ أحمر وباريس تدرك ذلك جيدا، وتعيين وزير الخارجية الجديد ستيفان سيجورنيه سيف ذو حدّين في مسار هذه العلاقات. يمكن أن نقرأ في هذا التعيين إشارة سلبية لا سيّما أن الرجل كان متحاملا على المغرب في البرلمان الأوربي وكان وراء مبادرات إساءة صريحة للوضع الحقوقي في بلادنا، لكنّه يتحمّل اليوم مسؤولية وزارة استراتيجية في الحكومة الفرنسية ومن المفترض أن تحكمه مبادئ مصلحة فرنسا وضمان استقرار علاقاتها مع أصدقائها وحلفائها.

وحديث وزير الخارجية عن تحسين العلاقات مع المغرب، لا يكفي على حدّ قول سفيره لوكورتيييه. العلاقات المغربية الفرنسية ليست في حاجة إلى المزيد من الأقوال، هناك حاجة مستعجلة إلى الأفعال. المبادرات والقرارات الشجاعة والحازمة التي تقطع الشك باليقين وتثبت حسن النية المعلن. من الضروري أن نشكر سفير فرنسا على مجهوده التواصلي مع الرأي العام والإعلام المغربي، لكنّنا نذكّره بأننا مللنا من هذه الأسطوانات المجامِلة التي لَطالما أتحفَنا بها سفراء فرنسا المتعاقبون على تحمّل هذه المسؤولية، وإذا كان هو محرجا للغاية بسبب غياب الأفعال فإننا نعفيه من طائلة الحرج ونسائل رئيسه المباشر: متى تتخلص فرنسا من لغة الخشب وتدفع ديون التاريخ والماضي؟

المصدر: الدار

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق