الصحافة _ وكالات
بعد قرابة قرنين في صناعة السفر والسياحة، أجبرت الصعوبات المالية وتراكم الديون، مجموعة “توماس كوك” البريطانية، على التوقف، لتضيف عبئاً جديداً على الاقتصاد البريطاني الذي أنهكته فوضى “بريكست” ومستقبل العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي عقب مغادرته.
وأعلنت مجموعة السياحة والسفر البريطانية، اليوم الاثنين، عن إفلاسها، بعد فشل مجلس الإدارة في عطلة نهاية الأسبوع في جمع الأموال اللازمة للإبقاء على المجموعة السياحية العالمية، وكذلك فشلت في إقناع الحكومة البريطانية بإنقاذها.
ومن المتوقع أن يكون لإفلاس توماس كوك تداعيات كبرى على الوظائف البريطانية وشركات التأمين والسياحة، خصوصا في دول المغرب العربي التي تعتمد على السياح البريطانيين، وتحديداً السوقين التونسي والمغربي، وكذلك السوق التركي.
وكانت شركات الفنادق والمنتجعات في تونس قد أعلنت، يوم الأحد، عن مخاوفها من تأثر الموسم السياحي بأزمة مجموعة توماس كوك التي أودت بإفلاسها صباح أمس. وفي أنقرة، قال رئيس اتحاد الفنادق التركية، لرويترز، اليوم، إن انهيار “توماس كوك”، قد يعني حرمان تركيا من نحو 700 ألف سائح يزورونها سنوياً.
وأسست توماس كوك، التي تعد من أعرق مجموعات السفر والسياحة في العالم، عام 1841، وهي من المجموعات المسجلة أسهمها للتداول في البورصة البريطانية.
وقالت المجموعة في بيانها “على الرغم من الجهود الكبيرة، لم تسفر المناقشات عن اتفاق بين المساهمين والممولين الجدد المحتملين”.
وأضاف البيان الذي نشرته على موقعها وتناولته وكالات الإعلام، “لذلك، خلص مجلس إدارة الشركة إلى أنه ليس لديه خيار سوى اتخاذ خطوات للدخول في تصفية إلزامية بمفعول فوري”.
وحسب رويترز، تضررت مجموعة توماس كوك جراء تراكم ديون بلغت 1.7 مليار إسترليني (2.1 مليار دولار)، وكذلك من المنافسة الإلكترونية وتغير سوق الرحلات وأحداث جيوسياسية كانت كفيلة بإفساد موسمها الصيفي.
وتأثرت الشركة بشدة أيضا نتيجة موجة الحر الأوروبية في العام الماضي مع تخلي العديد من المسافرين عن حجوزاتهم في اللحظات الأخيرة. وحاولت المجموعة جمع 200 مليون جنيه إسترليني (227 مليون يورو) إضافي لتجنب انهيارها، ولكنها فشلت.
وسيكون على “توماس كوك” أن تنظم فوراً عملية إعادة 600 ألف سائح من المتعاملين معها حول العالم، بينهم 150 ألف سائح بريطاني، ما سيشكل أكبر عملية من هذا النوع منذ الحرب العالمية الثانية.
وقدرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية كلف إعادة السياح ودفع تعويضات لهم بنحو 600 ألف جنيه إسترليني. وحسب القانون البريطاني، فإن كل التعويضات يجب أن تدفع لأصحابها في ظرف 60 يوماً.
ويقول خبراء في شؤون السفر والسياحة لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن كلف السفر سترتفع بعد انهيار هذه المجموعة الرئيسية في قطاع السفر والسياحة.
وتدير المجموعة فنادق ومنتجعات وشركات طيران وتقدم خدمات إلى أكثر من 19 مليون شخص سنوياً في 16 دولة. وستضطر الحكومات وشركات التأمين إلى تنسيق عملية إعادة ضخمة للمسافرين إلى بلدانهم وتسوية حقوق الفنادق والمنتجعات التي استأجرتها لهم المجموعة ضمن حزمة الرحلات والعطلات الصيفية.
وألقى رئيس المجموعة، بيتر فانك هاوسر، باللوم على بريكست الذي تسبب في إغراق ميزانية المجموعة وأدى إلى تكبدها خسائر كبيرة، خصوصاً أن الزبائن أرجأوا رحلاتهم، مع عدم معرفتهم بما سيؤول إليه ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وحسب رويترز، تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإعادة المسافرين البريطانيين الذين تقطعت بهم السبل إلى الوطن، وكشف عن أن الحكومة رفضت طلباً من توماس كوك يتعلق بصفقة إنقاذ بنحو 150 مليون جنيه إسترليني (187.1 مليون دولار) بسبب ما قال إنه “خطر أخلاقي”.
وأبلغ جونسون الصحافيين على متن الطائرة لدى توجهه لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم الأحد، “إنه وضع صعب للغاية ومشاعرنا بالتأكيد مع عملاء توماس كوك بشكل كبير.. السائحون الذين قد يواجهون الآن صعوبات في العودة، سنبذل قصارى جهدنا من أجل إعادتهم للبلاد”.
وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي لطائرات لتوماس كوك يجري تحويل مسارها من أماكنها المعتادة بالمطارات. وتُرك بعضها خاوية بعد إخلائها من الركاب وأفراد الطواقم. ونشر موظفون صوراً لهم وهم ينهون آخر رحلاتهم.
وبشأن إعادة السياح، أبلغ وزير الخارجية البريطاني، دومنيك راب، تلفزيون “بي بي سي” البريطاني، أمس الاثنين، أن خطة طوارئ تحت مسمى “ماترهورن أوبريشن” وضعت لإعادة كل المسافرين إلى البلاد. وتشمل هذه الخطة استئجار طائرات من بريتش إيرويز وإيزي جيت وشركات طيران أخرى.
وتعد هذه أكبر خطة طوارئ لإعادة المسافرين منذ انهيار شركة طيران “مونراك إيرويز” في عام 2017. أما بالنسبة لتسديد حسابات المسافرين مع الفنادق والمنتجعات التي حجزوها عبر مجموعة توماس كوك، فإن مجموعة توماس كوك عادة ما تسدد فواتير هذه المنتجعات والفنادق في فترة تتراوح بين 60 و90 يوماً بعد قضاء العطلات.
ولكن بعد هذا الإفلاس، فإن مصلحة الطيران المدني البريطانية اتصلت بهذه الفنادق والتأكيد لها أنها سوف تسدد لها الفواتير.
أما بالنسبة للمسافرين الذين حجزوا بواسطة مجموعة توماس كوك ولم يسافروا، فإن مصلحة الطيران المدني سترتب لهم كيفية استعادة أموالهم، وذلك وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.