الصحافة _ كندا
كشف تقرير حديث عن اختلالات قانونية ومنهجية تهدد بكبح كفاءة السجل الاجتماعي الموحد وتحويله إلى أداة لإقصاء الفئات الأكثر احتياجًا بدلًا من دعمها، محذرًا من التداعيات الوخيمة لهذه العيوب على الفئات الهشة على المدى القريب والمتوسط.
التقرير، الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، سلط الضوء على مقتضيات تمييزية داخل القانون رقم 77.18، الذي ينظم السجل الاجتماعي الموحد، مؤكدًا أن بعض الشروط مثل إلزامية تقديم عنوان السكن لاستكمال التسجيل تستبعد تلقائيًا المشردين، الأشخاص بدون مأوى، وأسر دور الصفيح، مما يعزز دائرة الإقصاء الاجتماعي بدل كسرها.
وحذر التقرير من أن التعريف الضيق لمفهوم “الأسرة” المعتمد في النظام الرسمي يستثني النساء في وضعية صعبة والأفراد بدون أسر، مما يرسخ أشكال التمييز ضد الفئات الأكثر هشاشة. كما نبه إلى أن منهجية التصريح الذاتي قد تحرم العديد من الأسر غير القادرة على الولوج إلى الأدوات التكنولوجية أو تفتقر للمعرفة الإدارية الكافية، مما يقوض مبدأ المساواة في الحماية الاجتماعية.
وأشار التقرير إلى مفارقات خطيرة في طريقة الاستهداف الإلكتروني للأسر المؤهلة للدعم، حيث يتم تصنيف امتلاك هاتف نقال أو لاقط هوائي كمعيار للرفاهية، رغم أن هذه المؤشرات لم تعد تعكس الوضع الاقتصادي الحقيقي. هذه الحسابات الرقمية قد تؤدي إلى استبعاد أسر فقيرة عن غير قصد، بينما يستفيد منها آخرون لا يعانون من هشاشة حقيقية.
وأكد التقرير أن الاعتماد المفرط على الرقمنة يزيد من الفجوة الرقمية بين الفئات المستهدفة، حيث تجد العديد من الأسر نفسها مضطرة إلى الاستعانة بأشخاص آخرين بمقابل مالي لتسجيلها، مما يعرض بياناتها الشخصية للانتهاك. كما أشار إلى أن المنهجية الرقمية البحتة تعجز عن التعامل مع الفقر المركب، نظرًا لاعتمادها على حسابات رياضية لا تعكس التعقيدات الحقيقية للأوضاع المعيشية.
ومن بين النقاط المثيرة التي كشف عنها التقرير، أن العتبة المحددة للاستفادة من الدعم النقدي المباشر منخفضة للغاية، حيث تم ضبطها عند 9.74 نقطة فقط، وهو ما أدى إلى إقصاء مليون أسرة تعاني من أوضاع اجتماعية هشة رغم احتياجها الفعلي للمساعدة.
ورغم أهمية التحول من الدعم الشامل إلى الدعم النقدي المباشر، إلا أن التقرير حذر من أن هذه السياسة قد تكرّس الاتكالية الاقتصادية وتفاقم معاناة الطبقة الوسطى، التي ستتحمل وحدها عبء ارتفاع الأسعار، مما يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للفئات الضعيفة دون تقديم حلول اقتصادية حقيقية.
وأمام هذه التحديات، أوصى التقرير بإصلاح شامل لمنظومة السجل الاجتماعي الموحد، وإزالة المقتضيات التمييزية، مع مراجعة شاملة لمنهجية انتقاء المستفيدين، كما شدد على ضرورة تعزيز الشفافية والحكامة، وإيجاد حلول اقتصادية تضمن التوازن بين الدعم الاجتماعي والاستدامة المالية، بعيدًا عن أي تبعية للتمويل الخارجي.