طريق الموت لا يغلق.. هكذا تتبدل خرائط الهجرة وتتمدد شبكات التهريب في صمت

24 مارس 2025
طريق الموت لا يغلق.. هكذا تتبدل خرائط الهجرة وتتمدد شبكات التهريب في صمت

الصحافة _ كندا

بين مطرقة السياسات الأوروبية وسندان الواقع المر، تستمر موجات الهجرة غير النظامية من إفريقيا نحو أوروبا في تغيير مساراتها وتكتيكاتها، مدفوعة بحلم حياة أفضل، ومطاردة دائمة من أجهزة الأمن وشبكات التهريب على حد سواء.

تقرير حديث صادر عن مركز الهجرة المختلطة كشف عن تحولات عميقة ومثيرة في خريطة الهجرة شمال إفريقيا، تحت ضغط القيود المتصاعدة التي تفرضها أوروبا على دول العبور، وعلى رأسها المغرب. هذه الضغوط دفعت السلطات المغربية إلى تشديد الخناق الأمني على المهاجرين، خصوصًا القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما أدى إلى تراجع ملحوظ في أعداد العابرين عبر البحر الأبيض المتوسط الغربي، الذي بات الطريق فيه شبه مغلق أمام الأفارقة، بعدما ظل لسنوات المنفذ الأول نحو الضفة الأخرى.

المفارقة أن هذا التراجع لم يوقف الحلم، بل دفع به إلى طرق أخطر وأكثر دموية. الطريق الأطلسي، الممتد من السواحل الإفريقية نحو جزر الكناري، عاد ليحتل صدارة المشهد، مع تسجيل أكثر من 40 ألف حالة عبور خلال سنتي 2023 و2024. أرقام صادمة تعكس الواقع الجديد للهجرة، حيث لا يعود البحر مجرد مسافة بين ضفتين، بل اختبارًا مريرًا بين الحياة والموت.

في موريتانيا، التي تحولت إلى بوابة رئيسية نحو هذا الطريق، يعيش المهاجرون الماليون أوضاعًا قاسية تشبه ما يحدث في ليبيا، وسط اتهامات بالتمييز والانتهاكات، في ظل قوانين جديدة تجرم الهجرة غير النظامية، وتمنح السلطات غطاءً قانونيًا لممارسات قمعية لا تنتهي. شهادات مهاجرين نقلها التقرير تُظهر وجها مظلمًا لمعاناة متصاعدة على أرض العبور، حيث لا القانون يحمي، ولا الصمت الدولي يكسر هذا الجدار من التجاهل.

في المقابل، وبينما ترفع أوروبا من مستوى التنسيق الأمني مع دول شمال وغرب إفريقيا، وتعقد صفقات بملايين اليوروهات مع السنغال وموريتانيا، لا تزال شبكات التهريب تتأقلم بسرعة، وتتطور بذكاء، متجاوزة المراقبة ومستخدمة مسالك جديدة ونقاط انطلاق متعددة، خصوصًا في السنغال. المهربون باتوا يلجؤون إلى طرق أكثر خطورة، وأطول، وأشد عزلة، مما ساهم في ارتفاع مقلق لعدد الوفيات في عرض البحر.

وراء كل هذه التحركات، يبقى المهاجر العالق في المنتصف، ضحية عالم لا يرحم، يُدفع فيه إلى الاختيار بين الجحيم الذي يعرفه، أو المجهول الذي قد يبتلعه. السياسات الأمنية لا توقف الأمل، لكنها تدفعه نحو الهاوية. الهجرة غير النظامية ليست مجرد أرقام وتدفقات، إنها قصة بشرية مستمرة، يكتبها الخوف والحرمان واليأس، فيما تواصل أوروبا وحلفاؤها الاستثمار في القمع بدل معالجة الجذور الحقيقية للمشكلة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق