الصٌَحافة _ حاوره: عبد الرحمن عدراوي
طالب الدكتور خالد طحطح، والذي يخوض حربا على الفيسبوك ضد ما سماها باللجان الفاسدة التي تعيث فسادا بحق الجامعة والبحث العلمي في التاريخ، الوزارة الوصية على الجامعة المغربية بأن توفر مناصب كافية للتباري وذلك مع بداية كل سنة دراسية، مع الإعلان عن حاجياتها بشكل دوري. وأكد في حواره مع جريدة “الصحافة” الالكترونية، بأن الجامعة تعرف خصاصا مهولا في عدد الأساتذة الجامعيين، وهو ما لا يساعد على توفير جو ملائم للتحصيل العلمي،والحل يكمن حسب رأيه، في فتح مناصب كافية لتغطية الخصاص أما اللجوء الى السياسات الترقيعية من قبيل التعاقد مع طلبة الدكتوراه، فهو لا يزيد الوضع إلا احتقانا وتدهورا….
كيف يتم تشكيل اللجان المحلية، وهل يتم اعتبار الكفاءة معيارا رئيسيا لأعضائها؟
نحن لا نعرف أسماء من يوجد في اللجان السرية التي يتم تشكيلها بعجالة، ولا الطريقة التي يتم بها انتقاء الملفات العلمية للمترشحين، ولا نعلم شيئا عن المعايير المعتمدة، وبالطبع لا تهمنا الأسماء مهما كانت، وإنما المعايير والشروط التي تظل مبهمة وغامضة هي موضوع الانتقاد الأساسي، خاصة وأنه يتم استغلال الفراغ التنظيمي وما يسمى باستقلالية الجامعة لأجل انتقاء ملفات مشبوهة، والتمكين لأسماء بعينها.
أثرت جدلا كبيرا بخصوص عدد من المباريات لتوظيف أستاذ التعليم العالي مساعد، والتي تقدمت بملفك العلمي والبيداغوجي لها، هل يمكن أن توضح لنا الأسباب التي جعلتك تطعن في مصداقيتها ونزاهتها؟
كل المباريات تحيط بها خروقات بالجملة، حيث نجد أنفسنا أمام مباريات تضرب بعمق في المصداقية وتكافؤ الفرص، وفي النزاهة، وفي الشفافية، إذ يتم اختيار اللجان المحلية لأجل توظيف متبارين بعينهم، فلا يتم الإعلان عن أسماء الأساتذة أعضاء اللجان، ولا يتم الإعلان عن المعايير المعتمدة من طرفهن، ونصطدم أحيانا بإقصاء ملفات أسماء وازنة بأبحاثها العلمية في اللائحة. يتعلق الأمر بالطعن في اللجان التي يتم تشكيلها محليا لانتقاء الناجح على المقاس، ولا أدري لماذا يتسابق بعض الأساتذة الجامعيين للمشاركة في هذه اللجان المعطوبة؟ بل وما هو هدفهم من وراء ذلك؟ وبأي معايير يقصون ملفات دون أخرى؟
وما المطلوب برأيك؟
المطلوب هو أنه يجب على الوزارة أن تقوم بتعيين لجان خاصة تضم أساتذة جامعيين بمواصفات معينة، أساتذة اشتهروا بإنتاجاتهم العلمية وبحضورهم الوازن في الساحة الفكرية والثقافية. إن مهمة الأستاذ الجامعي هي التدريس والبحث العلمي، أما المشاركة في اللجان المحلية للاختيار بين المترشحين فتلك ليست مهمته، ولا تدخل ضمن تكوينه، فهذه مهمة الوزارة فيما أعتقد…
هل نفهم من كلامك أنك تطعن في هذه اللجن؟
للأسف الشديد نجد بعض الأساتذة الكسالى في مجال البحث العلمي يتهافتون للمشاركة في هذه اللجان المحلية بغرض الاستفادة من بعض النقاط لاستغلالها في ملف الترقية، وهذا أمر سلبي وخطير جدا. إن مكان الأساتذة الجامعيين في المدرجات وليس في اللجان المحلية التي تتلاعب بنتائج المباريات، ولذا فإن من يعمل على المشاركة في الانتقاء العبثي للتفضيل بين الملفات التي تتجاوز الخمسين ملفا في يوم واحد إنما يساهم في تكريس الرداءة، فلا الكفاءة ولا الوقت الكافي يسمح لهذه اللجان المحلية بالاطلاع على الكتابات والمقالات الموجودة في الملفات، فما بالكم بإصدار الحكم عليها. إن المشاركة في اللجان مسؤولية كبيرة، وقد أثبتت اللجان المحلية فشلها، فهي تخضع لقوى وتجاذبات وحسابات ضيقة، إذ تجد في أحيان كثيرة لجان يقرر فيها عضو أو عضوين، في حين يكتفي الآخرون بالتوقيع والمصادقة، لأن هدفهم الرئيس من المشاركة الحصول كما ذكرت على نقاط تمكنهم من الترقية، وهذا أمر غير مقبول وغير أخلاقي.
إذن يعود أحد الأسباب الرئيسية لهذه الطعون إلى المعايير غير الواضحة؟
يعود الأمر بطبيعة الحال إلى غياب معايير واضحة في عملية انتقاء المتبارين على المناصب الجامعية، ويبق هذا أهم سبب، حيث تُجرى مباريات على المستوى المحلي بمعايير مبهمة وغير واضحة، مما يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص، لغياب مساطر واضحة ومعايير شفافة في التقويم الأولي، فما حصل في أكادير والقنيطرة وتازة سنة 2016، تكرر في مناسبا لاحقة، ومازالت تحصل إلى اليوم تلاعبات خطيرة تمس بسمعة الجامعة المغربية، حيث اللجان المحلية في غالبية التخصصات هي لجان أثبتت عدم قدرتها على تحمل المسؤولية المنوطة بها علميا وأخلاقيا، حتى أن لا أحد من المتنافسين يثق فيها، إلا من يكون المنصب على مقاسهم، فهؤلاء وحدهم المناصرون لهذه اللجان الفاسدة. ولذا اقترحنا على الوزارة المعنية التدخل باعتبارها الجهة المخولة قانونا إصلاح نواقص نظام المباريات الجامعية، من خلال اعتماد لجان وطنية، بمعايير واضحة، تجنبا لأي تجاوزات، وذلك ضمانا للنزاهة والشفافية والمصداقية وتحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص بين المتبارين وضمانا للجودة والامتياز، وتحقيقا للدمقرطة.
كما نطالب في نفس السياق بأن توفر الوزارة مناصب كافية للتباري وذلك مع بداية كل سنة دراسية، مع الإعلان عن حاجياتها بشكل دوري، مع العلم أن قطاع التعليم العالي يعاني حاليا من خصاص مهول في عدد الأساتذة الجامعيين، وهو ما لا يساعد على توفير جو ملائم للتحصيل العلمي، ولذلك فإن الحل يكمن في فتح مناصب كافية لتغطية الخصاص أما اللجوء الى السياسات الترقيعية من قبيل التعاقد مع طلبة الدكتوراه، فهو لا يزيد الوضع إلا احتقانا وتدهورا.
كيف يتم تشكيل اللجان المحلية، وهل يتم اعتبار الكفاءة معيارا رئيسيا لأعضائها؟
نحن لا نعرف أسماء من يوجد في اللجان السرية التي يتم تشكيلها بعجالة، ولا الطريقة التي يتم بها انتقاء الملفات العلمية للمترشحين، ولا نعلم شيئا عن المعايير المعتمدة، وبالطبع لا تهمنا الأسماء مهما كانت، وإنما المعايير والشروط التي تظل مبهمة وغامضة هي موضوع الانتقاد الأساسي، خاصة وأنه يتم استغلال الفراغ التنظيمي وما يسمى باستقلالية الجامعة لأجل انتقاء ملفات مشبوهة، والتمكين لأسماء بعينها.
مشكلتنا ليست مع الأساتذة الجامعيين وإنما مع اللجان المحلية كما سبق وأن بينا في كثير من الكتابات والحوارات. وجوابا على سؤالكم أحب أن أؤكد على مسألة أساسية، وهي أنه لا أحد يلزم الأساتذة الجامعيين بأن يكونوا أعضاء ضمن اللجان المحلية التي أثبتت التجربة عدم كفاءتها، وقد وضحنا الأمر انطلاقا من تجارب شخصية عديدة. بل كيف يمكن أن يشارك في الحكم على الملفات العلمية أساتذة مدرسون لا إنتاج علميا لهم في مسارهم سوى طبع أطروحتهم، هل هذا أمر معقول؟.
بالطبع لا نقصد الجميع ولا نعمم هذا الحكم، وإنما نعتمد على وقائع عايشناها وسردنا تفاصيلها.
هل من أمثلة في الموضوع؟
على سبيل المثال هناك بعض الأساتذة داخل الجامعة يشاركون في اللجان المحلية بغرض توظيف أشخاص بعينهم، تربطهم علاقات ومصالح معينة بهم، والبعض الآخر يشارك لأجل ضمان بعض النقاط تمكنه من تحسين ملفه الخاص بالترقية، والبعض يشارك فقط لأنه تم الاتصال به من طرف زميل له أحرجه وورطه للتوقيع على نتيجة لا تكون في الغالب نزيهة ولا منطقية، فيصبحون فجأة طرفا في صراع هم في غنى عنه.
إن البؤس الذي تشهده الجامعات اليوم هو نتيجة من نتائج التحاق عدد ممن لا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة للقيام بمهمة التدريس والتأطير الجامعي، وهؤلاء التحقوا عبر اجتياز مباراة تكون على مقاسهم. ولذا فالحل الجذري هو التفكير في لجنة وطنية تختارها الوزارة المعنية بالتعليم العالي بمعايير واضحة. لا بد إذن من التفكير في طرق الانتقاء مثل اعتماد المباريات الكتابية أو مقابلات تُجرى تحت إشراف مباشر للوزارة الوصية، بالرغم من أن ذلك لن يمنع بتاتا الفساد بالطبع، باعتبار أن الفساد مستشر بشكل كبير، لكن ذلك سيخفف من حدة الطعون التي ترافق كل المباريات تقريبا.
لماذا لا يشارك أساتذة جامعيون أكفاء في اللجان المحلية؟
أولا: يتم انتقاء أعضاء اللجان من الأساتذة الذين لا ترد أسماؤهم في لجان مناقشات المترشحين، مما يعني أن هؤلاء هم الأقل إنتاجا والأقل كفاءة، بل والأقل ممارسة للبحث العلمي في غالب الأحيان. كما أن هناك الكثير من الأساتذة الجامعيين يمتنعون عن المشاركة في مثل هذه اللجان درء للشبهة وابتعادا عن القيل والقال، والمفارقة أن هؤلاء هم الأكثر إنتاجا والأكثر حضورا، وموقفهم هذا أكسبهم مصداقية، لأن موقفهم هذا هو الصائب. أظن أن مقاطعة لجان المباريات من طرف الأساتذة الجامعيين باعتبار أن هذه ليست مهمتهم أصلا، ولأن القانون لا يفرض الأمر عليهم ستكون وسيلة من وسائل الضغط على الوزارة للتفكير في تعديل قانون إجراء المباريات ومراجعته. ولعل انخراط الأساتذة الجامعيين النزهاء في النقاش العلني حول ما يقع، والادلاء برأيهم بدل الحياد سيساهم في الخروج من عنق الزجاجة، فسمعتنا وسمعة الجامعة في النهاية ستكون على المحك. ولذلك أحب بهذه المناسبة أن أتقدم إلى الأساتذة الجامعيين من الشرفاء، وما أكثرهم، أن يقفوا وقفة رجل واحد ضد هذه الشبكات التي تُسيء لنا جميعا، خاصة الأساتذة الذين يشتكون من تراجع مستوى البحث التاريخي في المغرب، والمتذمرون بدورهم مما يقع، والذين عملوا مرارا على تقييم الوضع، فاستنتجوا أن هناك أسبابا متعددة تقع وراء تراجع البحث التاريخي، غير أنهم وبسبب وضعيتهم الحرجة، لم يتطرقوا إلى سبب رئيسي وهو الوصولية والمحسوبية التي تُعتمد كطريقة للوصول لمنصب أستاذ التعليم العالي مساعد. نتساءل عن ماذا قدم هؤلاء الذين نجحوا في المباريات خلال السنوات الأخيرة على مستوى الإشعاع والبحث والنشر؟ ونتساءل عن كيفية تشكل اللجان المحلية التي تتضمن، لأسباب التنافي، الأعضاء الأقل نشرا والأقل بحثا والأقل معرفة، ولا يخفى على الأساتذة الجامعيين في شعبة التاريخ أن المناصب تكون على المقاس.
هناك من أصبح يتهمك بالتهجم على الأساتذة الجامعيين؟
هذه مبررات واهية تم ترويجها من طرف أعضاء اللجان الذين انتقدتهم سنة 2016م، وهي لم تعد تقنع أحدا اليوم، فقد كشفتُ خيوط اللعبة بالأدلة ومن خلال وقائع بعينها، أنني أكدت مرار أن حملتي لم تكن موجهة ضد الأساتذة الجامعيين، ولا ضد الجامعات، وإنما شجبت غياب النزاهة وعدم الإنصاف ونواقص مسطرة الانتقاء الأولي، وإنني أكن لكل أساتذة التاريخ بالجامعة التقدير والاحترام بغض النظر عن مواقعهم أو انتماءاتهم أو مواقفهم الشخصية مني…
ولماذا لجأت إلى صفحة الفيسبوك لعرض مشكلتك؟
إن لجوئي إلى الصفحة الفايسبوكية لعرض المشكل المطروح لم يتم إلا بعد أن راكمت تجربة مريرة، وحاولت قدر المستطاع التنبيه إلى الخلل الموجود في المسطرة عبر التدوينات وعبر صفحات الجرائد، لكنها لم تجد نفعا، ولرفع الحيف ولإعطاء المصداقية لكلامي اضطررت للكشف عن بعض الأسرار المتعلقة بالمباريات من خلال ذكر أسماء الأماكن وأعضاء بعض اللجان ومؤهلاتهم العلمية البسيطة في تدوينات مفصلة، وكانت النتائج التي ذكرتها بخصوص آليات اشتغالها صادمة حتى بالنسبة للأساتذة الجامعيين الذين كانوا في الغالب لا يعرفون الكثير من التفاصيل، وبينت من خلال ما كتبته أن كل الناجحين ممن تم انتقاؤهم وصلوا بالمحسوبية والزبونية، وملفاتهم العلمية هزيلة، بل إن غالبية من نجح ناقش قبل أشهر من هذه المباريات ولم يجد الوقت بعد للنشر.
إن من بين أهم الأمور التي استرعت انتباهنا من خلال مشاركاتنا في عدد من المباريات لانتقاء أساتذة التعليم العالي مساعدين، تخصص تاريخ، غياب مساطر واضحة ومعايير شفافة في التقويم الأولي، وهو الأمر الذي جعلنا في صراع مع بعض من كانوا ضمن هذه اللجان المحلية وليس ضد الأساتذة الجامعيين، وهذا فرق جوهري، حيث وقفنا بالملموس على نقائص كثيرة فيما يتعلق بالخلل الموجود في المعايير المعتمدة لانتقاء المتبارين على المناصب الجامعية. وتطور الأمر ليختلط فيه ما هو شخصي بما هو قانوني، وسرت إشاعات كثيرة بكوني أعادي جميع أساتذة التاريخ بالكليات المغربية، وهذا أمر غير صحيح البتة، ويعلم الجميع الآن مدى تهافت هذا الادعاء، فنحن لم يكن مقصودنا منذ البداية سوى التنديد بالفساد والمحسوبية والمطالبة بتكافؤ الفرص وبالشفافية، وبالحفاظ على إرث المؤرخين من الجيلين الأول والثاني.
مما ذكرته نستنتج أن علاقاتك جيدة بالوسط الأكاديمي وأن مشكلتك فقط هي مع اللجان التي ذكرت أنها تتلاعب بالنتائج؟
لوضعك في الصورة الكاملة، أشير إلى أنني قمت سنة 2016 بشن حملة قوية ضد مباريات بعينها ترشحت لها، وأقصد بالضبط مباريات تازة وأكادير والقنيطرة، وخلالها حدث سوء الفهم الكبير بيني وبين الأساتذة الجامعيين بشعبة التاريخ بسبب الجهود التي قام بها بعض أعضاء اللجان الفاسدة ممن باعوا ضميرهم لأجل منافع ومكاسب شخصية، ومن نافلة القول أنني لم أكن يوما من الأيام، ولن أكون خصما للأساتذة الجامعيين، فأنا تعلمت على أيديهم في الجامعة، وتتلمذت على يد الكثيرين منهم من لا يزالون إلى الآن يُزاولون مهنتهم بالجامعات، ومنهم من تقاعد ولا زال يساهم بوقته وجهده في تطوير البحث التاريخي.
وأؤكد لك أن علاقات طيبة تجمعني مع عدد كبير من أساتذة التاريخ كونتها خلال مسيرتي البحثية وأفتخر بها، لأنها مبنية على الاحترام والتقدير المتبادل. كما كنت دائما أحرص على أن يقدم بعض أساتذتي أعمالي، بل أهديت بعضا منها لهم، تقديرا لدورهم في مساري العلمي، واعترافا بجميلهم علي، بل شاركت بمقالات في تكريم بعض أساتذتي ممن لهم فضل كبير علي، وتربطني حاليا علاقات وطيدة وصداقات كثيرة بعدد كبير من المؤرخين الجامعيين، فقد حرصت ما أمكن على التواصل معهم وتوضيح كثير من الأمور لهم، وإني أجزم أن أمور كثيرة تغيرت اليوم، فهذه الحملة التي انطلقت قبل أيام شهدت تعاطفا كبيرا من الأساتذة الجامعيين ممن أعلنوا تذمرهم مما يقع، ذلك أنهم يشاهدون الجامعة وهي تتراجع أداء وجودة وبحثا، وهم متأكدون أن ولوج من لا يستحق للجامعة عامل رئيسي في هذا التراجع.
هل من علاقة ما بين ما يقع في المباريات والجمعية المغربية للبحث التاريخي، فقد كان هناك سجال سابق بخصوص هذا الأمر، هل من تفصيل؟
ليس هناك أي علاقة بين الموضوعين، وكما تعلمون سبق لرئيس الجمعية المغربية للبحث التاريخي أن حاول مرار تهدئة الأمور بصفته الشخصية وبصفحة الجمعية، وطلب صراحة في مساجلاته الأولى أن أوقف تدويناتي، غير أنني كنت مضطرا للاستمرار في معركة بدأتها سنة 2016 ، وتوقفي كان لظروف صحية خاصة، ولسوء الفهم الكبير الذي وقع آنذاك، ولذلك فضلت أخذ مسافة، كنت صادقا مع نفسي حين أعلنت منذ البداية تقديري للجمعية وأدوارها، ولم أعمل أبدا، ولم أسعى لتوظيف اسمها في صراعي ضد بعض اللجان، بل إن ما عَقَّد الأمور هو أن هؤلاء الأعضاء الذين كانوا في اللجان هم بالضرورة أفرادا بالجمعية المغربية للبحث التاريخي، التي نتمنى لها التماسك ومزيد من التلاحم والانسجام بين أعضائها، ولا نسعى أبدا للتشكيك فيها وفي أدوارها العلمية والبحثية ولا في مجهوداتها. حاولت منذ البداية ألا أجعل الجمعية طرفا في هذه المشكلة، وحين تفاعل معي رئيس الجمعية احترمت رأيه وقدرت ما قام به لأجل المصلحة العامة، بل إنه كان يلح دائما على وقف الحديث عن هذا المشكل والبحث عن حلول قانونية بعيدا عن صفحات الفايس بوك. مؤاخذتي الوحيدة على الجمعية رفضها نشر غلافات كتبي بالموقع، فقد اعتبرت أن هذا الأمر فيه إجحاف كبير ضد شخصي، واعتبرته عقابا لي لأني انتقدت علنا اللجان المحلية وبينت أعطابها.
ما هو الحل في نظركم للخروج من هذا النفق؟ وما السبيل لتجاوز أعطاب اللجان المحلية؟
إن الوزارة المعنية بقطاع التعليم العالي تتحمل القسط الأكبر فيما يقع من خروقات وتلاعبات، باعتبارها الجهة المخولة قانونيا بمهمة إصلاح وإعادة إصلاح نواقص نظام المباريات الجامعية، بناء على كثرة الطعون التي تتوصل بها، والتي تؤكد فعلا أعطاب مزمنة في المساطر المتبعة في الانتقاء الأولي، ولتنصل الوزارة من مسؤوليتها ألقت هذه المسؤولية على الجامعات، وهذا أمر غير سوي، ولذلك اقترحنا فكرة اللجنة الوطنية في المباريات الجامعية لرفع الحرج عن الأساتذة، الذين تسند لهم مسؤولية خطيرة وحساسة، ويجدون أنفسهم في وضعية لا يحسدون عليها، لكثرة الضغوط التي تمارس عليهم، ولغياب معايير واضحة ومقنعة، مما يفتح المجال لوقوع تجاوزات تتحمل القسط الأكبر من مسؤوليته الوزارة الوصية على القطاع الجامعي، والتي وجب عليها تغيير الطرق المتبعة في هذه المباريات التي تخلق حزازات بين الباحثين والزملاء، وتعكر الأجواء وتتسبب في مشاكل عويصة نحن في غنى عنها. لا بد إذن من توحيد معايير الانتقاء في إطار شبكة تقويمية واضحة ومعلن عنها تحقيقا للإنصاف وتكافؤ الفرص والمساواة بين جميع الحاصلين على شواهد الدكتوراه، وهذه ليست معركتي لوحدي وإنما يجب أن تتكاثف الجهود، كما وجب على النقابة الوطنية للتعليم العالي باعتبارها محاورا رئيسيا للوزارة أن تتحمل مسؤوليتها. أما أنا فقط آثرت التنبيه لهذه المسألة لأنني كنت أحد ضحايا اللجان المحلية التي عملت على إقصائي في عشر مباريات خلال ثلاث سنوات، وقد أحسست بمرارة كبيرة، وآلمني أن تغدو الجامعة فقط مجرد مكان للتنافس على المناصب، بدل من القيام بدورها الأساسي وهو البحث العلمي وخلق المراكز البحثية وتشجيع الباحثين الصاعدين ممن يساهمون في إغناء مكتبات المغرب بإنتاجاتهم العلمية وإشعاعهم الفكري والثقافي.
ما هي الشروط التي تراها ضرورية ووجب أن تتوفر في اللجان الوطنية؟
نطالب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تبني فكرة اللجان الوطنية بمعايير معلنة في مباريات انتقاء أساتذة التعليم العالي مساعدين، بدلا من اللجان المحلية التي تعتريها نواقص متعددة. فمن المعلوم أن المناصب في الوظيفة العمومية هي من حق المواطنين المغاربة جميعا، ومن الواجب على الدولة ضمان تكافؤ الفرص في المباريات الجامعية، عبر: أولا: تحديد المعايير المعتمدة في عملية الانتقاء بشكل واضح، والإعلان عنها رسميا في بوابة إلكترونية خاصة. ثانيا: الإعلان عن أسماء جميع المترشحين ونقاطهم مسبقا بناء على شبكة تقويمية موحدة مثل ما هو معمول به في المباريات الأخرى الأقل شأنا. ثالثا: توحيد معايير الانتقاء في إطار شبكة تقويمية واضحة ومعلن عنها تحقيقا للإنصاف. فما معنى أن يجتاز أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي خطوات عسيرة لنيل المنصب، انتقاء، ثم امتحان كتابي، ثم مقابلة شفوية، ثم سنة من التكوين، ثم امتحان التخرج، قبل أن ينتظر حظه في التعيين (هذا قبل التعاقد المشؤوم). بينما أستاذ التعليم العالي يناقش أطروحته، ثم تُعقد له مقابلة شفوية على المقاس، وينال منصب أستاذ جامعي مساعد. ما هذا العبث؟ وإلى أي تسير الجامعة المغربية؟
لكي يكون نقدنا بَنَّاءً نُطالب بتغيير القانون المنظم لاختيار أساتذة التعليم العالي المساعدين، ونقترح خارطة طريق لإيقاف النزيف بالجامعة المغربية، ومنها: تعيين لجنة وطنية من الأساتذة ذوي السمعة الأخلاقية والرصيد العلمي المعترف به، وتحديد معايير الانتقاء مسبقا، وتنظيم امتحانات كتابية ثم شفوية يشارك فيها جميع الذين قدموا ترشيحاتهم، وإعلان نتائجها علنا مع ترتيب النقاط، ووضع التقارير النهائية للجان رهن إشارة من أراد الاطلاع عليها. كما نطالب بعدم التمييز بين الدكاترة الموظفين وغير الموظفين في المباريات التي تعلن عنها الوزارة، فلتحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، وجب إعطاء الحق للجميع لاجتياز هذه المبارايات، بل الأولوية يجب أن تعطى للمعطلين، مع التفكير في ضرورة حل مشكلة دكاترة التعليم العمومي بشكل جماعي، وتسوية وضعيتهم لحل المشكل جذريا، ذلك أن التمييز بين المواطنين لا يخلق إلا المزيد من الاحتقان بين أبناء الوطن الواحد.
ما موقفك من مسألة التعاقد التي تنهجها بعض الكليات لأجل تغطية الخصاص الكبير في الأساتذة؟
نعلم أن الوزارة لا توفر سوى مناصب قليلة، مع العلم أنها تعاني من خصاص مهول في الأساتذة الجامعيين بسبب تزايد أعداد الطلبة المستمر، وهو ما لا يساعد على توفير جو ملائم للتحصيل العلمي، حيث تجبر الجامعات على استيعاب أكثر ما تتحمله طاقتها كما سبق وأن أشرنا، وهو ما يؤثر حتى على قيمة الشهادات الجامعية الممنوحة، ولذلك فإن الحل يكمن في فتح مناصب كافية لتغطية الخصاص المزمن، وخصوصا أن عددا كبيرا من الدكاترة في وضعية عطالة. وهذا يبقى من المطالب المستعجلة.
أما اللجوء الى السياسات الترقيعية من قبيل التعاقد مع بعض الدكاترة أو طلبة الدكتوراه، فهو لا يزيد الوضع إلا احتقانا وتدهورا، وينتج لنا المزيد من المشاكل التي نحن في غنى عنها، ذلك أن هؤلاء المتعاقدين يضعون اللجان في ورطة وحرج شديد، وهذا الأمر لا يتعلق بشعبة التاريخ فقط، وإنما بجميع الشعب والتخصصات الأخرى، ذلك أن مهمة المتعاقدين من الحاصلين على الدكتوراه، والذين يتم الاستعانة بهم في الجامعات، لا تضبطها قوانين واضحة، وتلوكها الكثير من الشكوك، خاصة وأن هؤلاء المتعاقدين من حملة الدكتوراه لهم الحق مستقبلا في المشاركة في المباريات قانونيا، مما يجعلهم في “حالة التنافي” كما هو معلوم في القانون، ذلك أنهم يكونون قد كونوا شبكات علاقات ومعارف إنسانية مُحرجة للجان ولإدارات الكليات التي يعملون بها كمتعاونين، وهذه من أهم نقائص سياسة المتعاقدين والأساتذة الزائرين، وبينت لي تجربتي وتجارب الآخرين أن المتعاقدين دائما يحضون بالمناصب في نفس الجامعات التي يزاولون فيها هذه المهمة، التي تكون في بدايتها تطوعية، غير أن نواياها الحقيقية غير ذلك، وهذا ما حصل في مباراة تازة سنة 2016، ومباراة أكادير التي فاز فيها مرشح بداية هذه السنة بعد عشرين يوما فقط من مناقشته لأطروحته، ونفس الأمر بالنسبة لمباراة المحمدية التي قدمت فيها الطعن. إن التعاقد يُستعمل كورقة لأجل مرور أشخاص بعينهم إلا فيما ندر.
ما قصة عدم ترشحك للمباريات خلال الموسم الجامعي 2017/2018، ولما اتخذت هذا القرار؟
صحيح لم أشارك في مباريات شعب التاريخ بالجامعات المغربية موسم 2017 و2018، ولم أتبارى في أي مباراة خلالها، وهذا الموقف اتخذته عن قناعة وبمسؤولية، فأنا لست طالب المنصب لأجل المنصب، كانت هناك قضية دافعت عنها سنة 2016، ووقع سوء فهم كبير آنذاك بيني وبين الوسط الأكاديمي، لهذا اتخذت هذا القرار الذي لم يكن انسحابا نهائيا، وإنما تعبيرا مني عن حسن النوايا ولأسباب صحية، لكن مع سنة 2019 بدأت مجددا في الترشح للمباريات، وكنت أتمنى أن يكون ما وقع درسا لنا جميعا نتعلم منه ضرورة العودة إلى الصواب، غير أن الواقع لا زال كما هو، إذ لم يتغير أي شيء، فلا زالت نفس العقليات، واللجان المحلية لا زالت تشتغل بنفس المنطق السابق، حيث الزبونية والمحسوبية وباك صاحبي، وأشير إلى أن المباريات التي تقدمت بملفي للترشح بها لمنصب التعليم العالي مساعد تهم كل من كليات الآداب: المحمدية والجديدة والمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، وكلية الآداب بمرتيل، إلا أني فوجئت بإقصاء ملفي في المرحلة الانتقائية بشكل ممنهج من طرف لجان فاسدة في الجديدة والمحمدية والمدرسة العليا للأساتذة، وكانت الصدمة أكبر حين تم إعلان لائحة الناجحين، فكلهم وصلوا بطرق ملتوية، وملفاتهم العلمية هزيلة، بل غالبية من نجح ناقش قبل أشهر من هذه المباريات. وهنا أغتنم الفرصة لكي ألح على الحاصلين على شواهد الدكتوراه أن يعملوا على تحسين ملفاتهم العلمية بعد المناقشة من خلال تعزيز سيرتهم الذاتية بالمنشورات والمقالات العلمية بدل التهافت على المناصب بطرق غير شرعية، فهذا هو ما سيساهم في تحسين التنافسية، فالرأسمال المعرفي هو الطريق الذي وجب أن يتبعه المتنافسون للتباري بشرف، بدل اتباع الطرق الأخرى التي تسيء للباحث المتنافس على المناصب، فلا للتزلف ولا للمحسوبية، فمن العار أن يصل متنافس لمنصب في الجامعة لا يستحقه، سيبقى ذلك وصمة عار في جبينه، فبأي وجه سيواجه الطلبة ممن يعرفون حقيقة ما جرى. كما وجب تغيير الممارسة الإدارية من خلال تحسين حكامة الجامعة، وتحسين خدماتها ومحاربة البيروقراطية التي ترسخت فيها، كما أن الاشعاع الثقافي يجب أن يعاد له اعتباره، وأن يكون عاملا رئيسيا أثناء الانتقاء.
هل من تفاصيل أوفى عن هذه المباريات التي ذكرت وطبيعة الطعون التي تقدمت بها للوزارة؟
أشير في البداية إلى أن مسألة الطعون هي حق من الحقوق التي يضمنها القانون للمتضررين، وهي وسيلة يلجأ إليها من يرى أن هناك اختلالات في المباريات الجامعية، غير أنه من خلال تجربتي لاحظت للأسف الشديد تلكأ المترشحين المتضررين من تحمل جزء من المسؤولية، لأنهم لا يتقدمون بطعونهم للوزارة خوفا من إقصائهم مستقبلا، ولذلك فقد عانيت شخصيا من هذا المشكل ولا زلت، فالغالبية من المتنافسين الذين أقصيت ملفاتهم يفضلون المساندة الخفية والتواري في الظل، فالدعم في نظري يجب أن يكون علنيا لا في الخاص وعبر الاتصالات الهاتفية، فهذه معركتنا جميعا. وعليه فقد سارعت لتقديم طعون في المباريات الأربعة التي تقدمت إليها هذه السنة، ووضعتها لدى مكتب الضبط في مقر وزارة التعليم العالي بالرباط. كما قدمت طعنا للسيد عميد كلية الآداب بمرتيل والسيد رئيس الجامعة بتطوان، ويمكن تلخيص الخروقات بالمباريات السالفة الذكر فيما يلي: ففي مباراة الجديدة دورة 28/02/2019، والتي تمت بتاريخ 22 مارس 2019م نجد أن المترشح الفائز لا يتوفر على ملف علمي، وبالتالي فانتقاؤه الأولي غير قانوني، حيث إن قرار السيد وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم 11125٫97 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 4522 بتاريخ 29 جمادى الأولى 1416 (2 أكتوبر 1797) يحدد شروط وّإجراءات تنظيم المباراة الخاصة بتوظيف أساتذة التعليم العالي المساعدين، ومنها التأكيد على اختبار خاص بشهادات المترشحين وأعمالهم العلمية والبيداغوجية في المادتين رقم 6 و 8، حيث يتم تقييم هذه الأعمال لاحقا بناء على عرض ومناقشة المترشحين الذين تم انتقاؤهم، مع التأكيد على أن المعيار الوحيد هو الكفاءة والاستحقاق. وما يعزز ما ذهبنا إليه افتقار المترشح الفائز بالجديدة لملف علمي، وعدم استيعابي لإقصاء ملفي العلمي مع أن التخصص المطلوب هو المعاصر، نفس الأمر حدث بمباراة المحمدية دورة 01/03/2019، والتي جرت يوم 26 مارس 2019، حيث إن منصب التاريخ المعاصر كان على مقاس مترشح من ذات الكلية، ناقش قبل أشهر من الإعلان عن المباراة، وتسرب اسمه في الصحافة قبل المباراة (جريدة الصباح، بتاريخ 12 أبريل 2019). كما أن اللجنة غير قانونية لأنها تتطلب مشاركة ثلاثة أساتذة من كلية المحمدية حسب منطوق قرار الوزير، ولعلمكم لم يشارك في هذه اللجنة ولا أستاذ واحد من كلية المحمدية، كل الأعضاء جيء بهم من الخارج لإقصاء الملفات الوازنة وإنجاح المرشح المحظوظ، والذي لا يتوفر على ملف علمي وازن يؤهله ليكون ضمن لائحة الانتقاء، بالنظر للأسماء التي ترشحت. أما مباراة المدرسة العليا للأساتذة بالرباط (دورة 26/02/2019)، والتي جرت أطوارها يوم 24 أبريل 2019م، فهي غير واضحة المعايير، حيث تم إلغاء ملفات التاريخ المعاصر والحديث والقديم دون سند قانوني. بل إن اللجنة استهترت بالمسؤولية، حيث تقدم لهذه المباراة تقريبا ستين مترشحا، تسجلوا في المسطحة الالكترونية، وغالبية الملفات لم تفتح كما هو مؤكد من خلال شهادات متواترة، فتم إلغاؤها دون وجه قانوني، حيث لا يتحمل المتبارون خطأ تقنيا ناتجا عن برنامج التسجيل الخاص باستقبال الملفات العلمية والشواهد الخاصة بالمتبارين، لأنه في القانون المنظم للمباريات وجب الاستناد إلى الملفات الورقية المطبوعة للمترشحين، والتي لم يتم استقبالها في الأصل، حيث اكتفت اللجنة بالملفات الإلكترونية، والملفات التي لم تفتح تم إلغاؤها من طرف اللجنة، وهذا خرق وجب فتح تحقيق فيه. فما دام أن الموقع غير مجهز لاستيعاب الملفات العلمية للمترشحين، كان من اللازم قانونيا إعادة المباراة، لكن اللجنة لا يهمها المترشحون ممن لم تفتح ملفاتهم، لأن هدفهم إنجاح مترشح بعينه، ويمكن للوزارة أن تتأكد من هذه الأقوال بإرسال لجنة التفتيش. أما الخروقات التي شابت مباراة توظيف أستاذ للتعليم العالي مساعد، شعبة التاريخ، بكلية الآداب والعلوم الانسانية –مرتيل-، والتي جرت بتاريخ: 24 يونيو 2019م، فقد كنت أحد الذين تقدموا بملفاتهم لهذه المباراة وتم قبولي ضمن لائحة المترشحين الثلاثة، وتخصصي التاريخ المعاصر. وتتركز أهم الخروقات في عدم وضوح المعايير المعتمدة في الانتقاء الأولي، حيث أن المعيار الوارد في القانون المنظم للمباريات هو الإنتاج العلمي والمشاركات في الندوات والتجربة البيداغوجية، وقد أقصيت ملفات وازنة، وتم إعطاء نقطة الامتيار والمرتبة لأولى في الانتقاء الأولي للمترشح الذي لا يمتلك ملفا علميا وازنا، حيث نشر جزءا من الأطروحة ومقالين في مجلتين إحداهما غير محكمة. كما أن تحيز رئيس اللجنة للمترشح الأول في لائحة الانتقاء الأولي بدعوى أن المباراة خاصة بالتاريخ الحديث أمر مريب ومشكوك فيه، فإعلان المباراة الرسمي يتحدث عن منصب في التاريخ دون تحديد أي تخصص. كما أن المترشح الذي حاز المرتبة الأولى في الانتقاء الأولي ملفه العلمي أقل بكثير من المترشحين الواردة أسماؤهم في المرتبة الثانية والثالثة. بل إنه لا يملك الملف العلمي الذي يؤهله للتنافس على المنصب، فهو حاصل على الماستر في تدبير التراث وليس في التاريخ، مما يجعل اختياره غير قانوني، كما أن ميزة أطروحته مشرف، ثم إن وضع معيار الانتماء للتاريخ الحديث في هذه المباراة، استنادا كما تقول اللجنة لقرار الشعبة الذي تم توقيعه في شهر ماي من السنة الماضية يتعارض مع الزج بملفين من التاريخ المعاصر ضمن لائحة الانتقاء الأولي، بينما توجد ملفات تنتمي للتاريخ الحديث تقدم بها مترشحون تم إقصاؤهم من المنافسة، ثم نسجل تناقض معيار التاريخ الحديث مع هوية اللجنة، حيث رئيسها من تخصص التاريخ الوسيط. إن هذه الأسباب المذكورة أعلاه جعلتنا نطالب الوزارة بإلغاء نتائج هذه المباريات، وفتح تحقيق في الخروقات التي أوردناها، والعمل على تحقيق مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص بين المتنافسين.