الصحافة _ كندا
بعد سنة ونصف من النسيان والتجاهل، يواصل ضحايا زلزال الحوز العيش في ظروف كارثية داخل خيام مهترئة، تحت رحمة الطقس القاسي وانعدام أبسط مقومات العيش الكريم. في ظل هذا الوضع المأساوي، وجه المتضررون نداءً عاجلًا للتدخل الملكي المباشر، بعدما أوصدت الأبواب في وجوههم، وتُركوا يعانون الفقر، التهميش، والإقصاء من الدعم الذي كان من المفترض أن يخفف عنهم معاناتهم.
خلال ندوة نظمتها لجنة التضامن مع سعيد آيت مهدي بالرباط، كشف الضحايا عن حجم المعاناة التي يرزحون تحتها، وسط شهادات تقطر ألمًا عن الموت البطيء داخل المخيمات. أحدهم لقي مصرعه محترقًا داخل خيمته، وآخر لم يتحمل قسوة الواقع فأنهى حياته بنفسه، في وقتٍ يستمر فيه التلاعب بعملية إعادة الإيواء، ما يضاعف من إحساسهم بـ”الحكرة” وانعدام العدالة.
المتضررون تحدثوا عن الغياب التام لأي مسؤول حكومي عن معاناتهم، مشيرين إلى أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش يقضي وقته في تدشين المشاريع الاحتفالية والمشاركة في الاحتفالات، بينما أهالي الحوز يواجهون قسوة البرد والجوع والتشرد. بل وذهبوا أبعد من ذلك، مؤكدين أن السلطات تعمل على إخفاء الخيام القريبة من مسارات المسؤولين حتى لا تثير مشاهدها أي حرج.
وبينما ينتظر المتضررون تدخلاً حكوميًا جادًا لإنقاذهم، يتحدثون عن فضائح فساد وتلاعبات في توزيع الدعم، حيث تم تقليص تعويضات إعادة البناء بشكل مفاجئ من 14 مليون سنتيم إلى 8 ملايين، دون أي تفسير مقنع، في وقتٍ لا تكفي فيه هذه المبالغ حتى لشراء مواد البناء، خاصة مع ارتفاع الأسعار في المنطقة. أما المفارقة الأكبر، فتكمن في استفادة بعض العائلات من أكثر مما تستحق، بينما تُركت أسرٌ أخرى بلا مأوى، خصوصًا الأرامل والعجزة ومن لا صوت لهم.
وسط كل هذه الفوضى، لم يكن النشطاء المدافعون عن حقوق المتضررين في مأمن من القمع والتضييق، إذ تعرض عدد منهم للملاحقات القضائية والتهديدات، فقط لأنهم كشفوا المستور وطالبوا بالإنصاف. شهادات قوية أكدت أن هناك تواطؤًا بين مسؤولين ومنتخبين فاسدين، وأن كل من يحاول فضح هذه التجاوزات يجد نفسه أمام المحاكم أو في السجن، كما حدث مع سعيد آيت مهدي، الذي دفع ثمن جرأته في كشف الحقيقة.
التجاهل الحكومي لم يتوقف عند مجرد الصمت، بل تجاوز ذلك إلى التضييق على النشطاء، إذ كشف محمد ابخالن وخديجة آيت لمعلم، عضوان في تنسيقية ضحايا الزلزال، عن تعرضهما لمتابعات قضائية مفتعلة، وضغوط تمس حتى حياتهما الشخصية والعائلية، بهدف إسكات صوتهما وثنيهما عن مواصلة النضال من أجل الضحايا.
وإزاء هذه الصورة القاتمة، تساءل المتضررون بغضب: إلى متى سنعيش في هذه الخيام؟ هل سيهدمونها فوق رؤوسنا ويدفعوننا إلى الشوارع؟ هل كتب علينا أن نموت بصمت بينما تنفق الملايير على مشاريع بعيدة كل البعد عن أولوياتنا؟
الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان أكد من جهته أن إعادة الإعمار تسير بوتيرة فضائحية، حيث من أصل 50 ألف مسكن كان من المفترض بناؤها، لم يتم إنجاز سوى 1000، وهو رقم يكشف عن فشل ذريع في تدبير الملف. في المقابل، هناك مساكن جاهزة لكنها ظلت فارغة دون أن يتم توزيعها، بينما يستمر الفساد في التغلغل دون محاسبة، والتضييق يطال كل من يجرؤ على كشف الحقيقة.
وأمام هذا الوضع المأساوي، يصر الضحايا على مطلبهم الوحيد: تدخل ملكي عاجل يعيد إليهم الأمل، ويضع حدًا للمعاناة، ويوقف نزيف التجاهل والتهميش والفساد.