الصحافة _ كندا
بينما يتسع العجز التجاري المغربي مع تركيا ليبلغ 3 مليارات دولار، ما تزال الحكومة تلجأ إلى الحلول الترقيعية ذاتها، متجاهلة جذور الأزمة التي تنخر قطاع النسيج الوطني. اتفاق التبادل الحر بين الرباط وأنقرة، الذي كان يفترض أن يعزز التبادل المتوازن، تحوّل إلى عبء ثقيل على الاقتصاد الوطني، بعدما أغرقت الملابس التركية الأسواق المغربية وفضحت هشاشة الصناعة المحلية.
ورغم أن الحكومة رفعت الرسوم الجمركية بنسبة 40% على الواردات التركية في قانون مالية 2024، إلا أن النتائج بقيت دون التوقعات. السبب؟ قطاع نسيج يعتمد بنسبة تفوق 80% على مواد أولية مستوردة، ويُحاصر من طرف اقتصاد غير مهيكل يستحوذ على أكثر من نصف نشاطه، في ظل غياب أي استراتيجية إنتاجية أو ابتكارية قادرة على فك هذا الحصار.
الفجوة المهولة بين صادرات النسيج المغربي إلى تركيا (11.6 مليار درهم) ووارداته منها (39 مليار درهم) تكشف بوضوح عن انهيار القدرة التنافسية للمنتج المحلي، وتضع الحكومة أمام فشل ذريع في تحفيز صناعة النسيج، رغم ما تُعلنه من مبادرات تحفيزية لا تتجاوز حدود البلاغات الرسمية.
وإذا كان انهيار القدرة الشرائية قد أثر على مبيعات شركات كبرى مثل “H&M”، فإن الأثر الأعمق يطال الشركات المغربية الصغرى التي تواجه منافسة غير متكافئة من سوق موازية تبيع دون حسيب أو رقيب. ومع ذلك، لا يبدو أن الحكومة تملك الإرادة السياسية ولا الجرأة المؤسساتية لمعالجة الأسباب الحقيقية للأزمة.
الاستمرار في سياسة المسكنات التجارية ومراجعة الاتفاقيات دون إصلاح داخلي عميق، لن يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة، وإبقاء الصناعة الوطنية رهينة الواردات والأزمات. فصناعة النسيج في المغرب ليست ضحية الاتفاق مع تركيا، بل ضحية حكومة تتقن التبرير وتفشل في البناء.