الصحافة _ كندا
أعاد سؤال برلماني وجهه النائب توفيق كميل إلى وزير الصحة، النقاش الساخن حول الوضع المتدهور بمستشفى بن مسيك إلى الواجهة، لكنه هذه المرة مسكون برائحة السياسة أكثر من همّ الصحة العامة. فالمستشفى الذي يُفترض أن يكون ملاذًا للعلاج، أصبح بحسب النائب ذاته ساحة لتصفية الحسابات وتبادل مواقع النفوذ بين أطراف حزبية، ما يحول المرفق العمومي إلى رهينة داخل صراع لا علاقة له لا بمصلحة المريض ولا بالعدالة الصحية.
الاتهامات التي أطلقها كميل، العضو بلجنة مراقبة المالية العامة، تجاوزت ما هو إداري أو تقني، لتتحدث عن “تمييز سياسي” في التعامل مع المرضى، وتحويلهم نحو مصحات خاصة في تجاوز صارخ لأخلاقيات المهنة، بل ووصف بعض الأطر بأنهم “حولوا المستشفى إلى فرع غير معلن لكيان سياسي معين”. ورغم خطورة هذه الادعاءات، فإن الصراع الحزبي المحلي، بين التجمع الوطني للأحرار الذي ينتمي إليه كميل، وحزب التقدم والاشتراكية الذي تشير المعطيات إلى سيطرته الحالية على إدارة المستشفى، يضيف مزيدًا من الشك حول خلفيات هذا التراشق.
ويبدو أن المشكل في مستشفى بن مسيك ليس فقط في نوعية الخدمات، بل في من يتحكم فيها سياسيًا، وكيف يوظفها انتخابيًا. إذ سبق أن وُجهت انتقادات حادة لأطراف حزبية استغلت المستشفى خلال الاستحقاقات الماضية، والآن يعود الجدل من بوابة مغايرة، لكن بنفس السيناريو. فيما المواطن المريض لا يجد مكانًا في هذا الصراع، سوى كرقم مهمل في سباق لا يضعه في الحسبان.
الفضيحة السياسية الصحية التي فجّرها كميل تكشف، إن صحت الادعاءات، عن اختلالات عميقة تتطلب مساءلة فعلية، لا فقط لمدى مطابقة الأداء الصحي للمعايير، بل أيضًا لحدود تدخل السياسة في مرافق حيوية يُفترض أن تكون محمية من الاستقطاب والاصطفاف. فالمطلوب ليس فقط تحقيقًا وزاريًا، بل إرادة سياسية حقيقية لتحرير الصحة العمومية من قبضة الحسابات الانتخابية.