صراع الزعامة يخرج البودشيشية من صمتها التاريخي

15 أغسطس 2025
صراع الزعامة يخرج البودشيشية من صمتها التاريخي

الصحافة _ كندا

منذ رحيل الشيخ جمال الدين القادري البودشيشي، دخلت واحدة من أبرز الزوايا الصوفية بالمغرب مرحلة توتر علني نادر الحدوث، بعدما كانت لعقود طويلة تضبط خلافاتها الداخلية خلف جدران السرية والكتمان. هذه المرة، ومع بروز بيانات وبيانات مضادة حول مسألة الخلافة، بدا أن الزاوية تقترب من لحظة فاصلة في مسارها.

الباحث في التاريخ والسياسة، عبد اللطيف أكنوش، يرى أن ما يجري اليوم داخل البودشيشية يحمل مؤشرات مقلقة، إذ إن تقاليدها العريقة في معالجة الخلافات بعيدًا عن الأضواء باتت مهددة. فالانتقال من أسلوب “الحل الصامت” إلى نشر المواقف على الملأ يطرح سؤالاً عريضًا: هل نحن أمام تحول الزاوية إلى كيان شبيه بالمؤسسات السياسية العادية، يخضع لمنطق الصراع العلني والتأثير الإعلامي؟

تاريخ الزوايا المغربية حافل بنزاعات حول وراثة المشيخة، خصوصًا بين أبناء الشيخ الراحل، حيث تتداخل الأبعاد الرمزية والاقتصادية معًا. ويؤكد أكنوش أن “المخزن” لطالما احتفظ بمسافة محسوبة في هذه القضايا، مدركًا أن أي تدخل مباشر قد يغير موازين دقيقة، رغم أن شخصيات نافذة في الدولة تعد في الوقت نفسه من أتباع هذه الطرق الصوفية.

في سابقة لافتة، نُسب إلى منير القادري، نجل الشيخ الراحل، بيان مؤرخ في 12 غشت 2025 يعلن فيه تنازله عن المشيخة لصالح شقيقه معاذ القادري بودشيش، مبررًا ذلك بـ”الخوف من التشرذم والحفاظ على سلامة السفينة”. وجاء البيان موجّهًا للمريدين والمريدات، داعيًا إياهم إلى الالتفاف حول القيادة الجديدة، وتغليب روح الوحدة، والاستمرار في خدمة الدين والوطن والوفاء للعرش العلوي.

لكن خروج هذا الخلاف إلى العلن، وتداوله في فضاء مفتوح كالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يمثل تحولًا جوهريًا في صورة الزاوية، التي كانت لعقود مرادفًا للعزلة عن ضوضاء السياسة وصخب الإعلام. هذا التحول قد يعيد رسم موقعها في المشهد الديني المغربي، ويطرح تساؤلات حول مستقبلها في زمن تسقط فيه الجدران أمام سيل المعلومات الرقمية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق