الصحافة _ كندا
فتحت المفتشية العامة للمالية تحقيقات دقيقة حول ممارسات وصفت بـ”المقلقة” في تدبير سندات الطلب داخل عدد من الجماعات الترابية، بعد توصلها بإشعارات من آمرين بالصرف تفيد بوجود مخزون متضخم من سندات غير مفعلة، فازت بها شركات لم تنفذ أياً من التزاماتها التعاقدية، رغم حصولها على أوامر بالخدمة. هذا الوضع تسبب في إرباك كبير للميزانيات المحلية، مع تسجيل نفقات لم تقابلها إنجازات على الأرض، واضعًا رؤساء جماعات في مواقف قانونية ملتبسة.
مصادر جيدة الاطلاع كشفت أن عمليات التدقيق التي باشرها مفتشو وزارة المالية أظهرت وجود اختلالات كبيرة في تقدير قيمة الطلبيات العمومية، ووجود سندات فوتت لصالح شركات صغيرة دون أية ضمانات حقيقية على قدرتها على التنفيذ، بينما تذرعت أخرى بالخسائر المالية والتضخم للانسحاب دون إنجاز الأشغال.
المثير في الأمر، أن بعض الشركات كانت تتقدم لسندات الطلب فقط لتحصيل “شهادات مرجعية” ترفع من تصنيفها بهدف التأهل لصفقات أكبر، في حين تم رصد شركات أخرى تنفذ التزاماتها في مناطق بعيدة مئات الكيلومترات عن مقرها دون أي شكاوى، ما أثار شبهات حول دوافع شركات محلية “تتهرب” من تنفيذ التزامات قريبة جغرافياً.
التحقيقات رصدت أيضاً “احتكاراً ممنهجاً” لسندات طلب من طرف مقاولات بعينها في بعض الجماعات، تم تفويتها بشكل متكرر عبر منافسات صورية، دون استشارات حقيقية أو شفافية في المعايير، مع تقديم بيانات غير مؤرخة وغير مرقمة، في خرق سافر للمادة 88 من مرسوم الصفقات العمومية.
وتنص المادة 158 من المرسوم ذاته على أن الشركات التي أخلّت بالتزاماتها يمكن إقصاؤها مؤقتاً أو نهائياً من الصفقات العمومية، بل ومنعها من المشاركة في طلبات عروض جديدة تتعلق بنفس الطلبات التي فسخت عقودها بشأنها، وهو ما يفتح الباب أمام إجراءات حازمة بحق الشركات المتورطة.
هذه المعطيات تكشف عن ثغرات خطيرة في منظومة تدبير الطلبات العمومية بالجماعات، وتؤكد الحاجة إلى مراجعة شاملة لمنظومة المراقبة وتفعيل أدوات المحاسبة، حمايةً للمال العام وضماناً لتكافؤ الفرص بين المتنافسين، في ظل تزايد المؤشرات على تحول بعض الجماعات إلى “منصات محلية للريع المقنن”.
