الصحافة _ كندا
تُجري الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تحقيقات متسارعة بشأن شبكة معقدة لتبييض الأموال، تستخدم شركات صورية كواجهة لشرعنة أموال يشتبه في ارتباطها بالاتجار الدولي بالمخدرات، انطلاقاً من معاملات مشبوهة تم رصدها على مستوى وكالتين بنكيتين بضواحي الدار البيضاء، تابعتين لمجموعة مالية كبرى.
وتفيد المعطيات المتوفرة بأن المراقبين رصدوا عمليات مالية ضخمة تتم عبر شيكات وكمبيالات، في حسابات شركات صغيرة الحجم لا تتناسب معاملاتها مع طبيعة أنشطتها، الأمر الذي أثار شبهات قوية بشأن مصادر الأموال المتدفقة عبرها، ما دفع مسؤولي البنك إلى توجيه إشعارات اشتباه إلى الهيئة المعنية.
في إطار التنسيق بين الأجهزة، تم فتح قنوات مباشرة مع المديرية العامة للضرائب، حيث كشفت التحقيقات عن وجود معاملات تجارية صورية بين هذه الشركات، يتم من خلالها تضخيم الأرباح بشكل متعمد، مع التصريح بحسابات مالية قانونية وأداء ضرائب منتظمة، بما يضفي طابعاً “شرعياً” زائفاً على التدفقات المالية.
وحسب مصادر مطلعة، فإن هذه العمليات لا تخرج عن نمط غسل أموال منظم، حيث تم ضخ مبالغ ضخمة في رساميل الشركات الصورية قبل أن تُعاد استثمارها في شراء عقارات وأصول منقولة مرتفعة القيمة، تشمل أراضي، عمارات، وممتلكات فاخرة.
كما بيّنت التحريات أن عدداً من المحاسبين وبعض الموظفين البنكيين متورطون في هندسة هذه العمليات، عبر تقديم استشارات لتفصيل التصريحات المحاسبية والضريبية على مقاس الشركات الوهمية، بشكل لا يثير أي مؤشرات خطر لدى الأنظمة المعلوماتية للضرائب.
الهيئة الوطنية للمعلومات المالية كانت قد أعلنت، في تقريرها السنوي لسنة 2023، عن إحالة 71 ملفاً على النيابة العامة بعدد من المدن، ضمنها الرباط، الدار البيضاء، فاس، ومراكش، تتعلق جميعها بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرة إلى ارتفاع بنسبة 31% في عدد القضايا المحالة مقارنة بسنة 2022.
التقرير نفسه كشف أن 38% من هذه القضايا مرتبطة بالتزوير في الكشوفات البنكية ووسائل الأداء، والنسبة نفسها تتعلق بالنصب والاحتيال، إلى جانب تصنيفات جديدة مرتبطة بعمليات غسل أموال ناتجة عن أنشطة مثل الرهان الرياضي، البيع الهرمي، وتداول العملات المشفرة.
التحقيقات الجارية تطرح أسئلة حارقة حول فعالية المنظومة الوطنية لمحاربة غسل الأموال، ومدى قدرة الأنظمة الرقمية الجبائية على التقاط إشارات تضخيم الأرباح بنفس الحدة التي تتعامل بها مع تقليصها، في وقت تنبه فيه مصادر مهنية إلى ضرورة سد الثغرات التشريعية والتقنية التي تستغلها هذه الشبكات لتبييض أموالها بطرق متطورة وهادئة.
وتبقى الخلاصة، وفق المراقبين، أن “الشركات الصورية” تحولت إلى قنطرة مفضّلة لتبييض أموال المخدرات داخل الدورة الاقتصادية، بشكل يهدد النزاهة المالية ويقوّض مجهودات الدولة في محاربة الجريمة المالية المنظمة.