الصحافة _ كندا
بعد قرن من الحضور الفرنسي في القطاع البنكي المغربي، طوت مجموعة “الشركة العامة” صفحة وجودها بالمملكة، لتفسح المجال أمام “سهام بنك”، الكيان الوطني الجديد الذي يحمل توقيع رجل الأعمال والوزير السابق مولاي حفيظ العلمي. هذا التحول لم يكن مجرد تبديل للافتة أو تعديل في الشعار، بل يمثل لحظة مفصلية في مسار السيادة المالية المغربية، ورسالة واضحة عن نهاية زمن التبعية البنكية الأوروبية.
الإعلان الرسمي عن التحول جرى يوم 18 يونيو 2025، لكنه كان تتويجًا لمسار استحواذ كامل أنهته مجموعة “سهام” نهاية 2024. الكيان الجديد لا يراهن فقط على الاسم، بل يستحضر العمق التاريخي لبنك عريق، ويعيد تشكيله وفق رؤية مغربية معاصرة ترتكز على القرب، الثقة، الابتكار، والمسؤولية الاجتماعية.
ورغم ما قد يُعتقد حول بساطة العملية، فإن “سهام بنك” خاض خلال الأشهر الماضية ورشًا داخليًا عميقًا شمل ثقافة التدبير، وآليات الأداء، وتطوير تجربة الزبناء، ليُحقق خلال الربع الأول من 2025 أرباحًا صافية تجاوزت 420 مليون درهم، بزيادة قاربت 17%، في مؤشر على دينامية واعدة رغم تحديات السوق.
في مستوى القيادة، تم الحفاظ على الاستمرارية عبر بقاء أحمد اليعقوبي مديرًا عامًا، مع تولي مولاي حفيظ العلمي رئاسة مجلس الرقابة، بما يعكس مزيجًا من الانضباط المؤسساتي والانفتاح الاستراتيجي، ويكرس منطق الحكامة الرشيدة عوض التغيير الصدامي.
هوية “سهام بنك” الجديدة تعكس بدورها هذا التحول الرمزي – خط عربي يبرز الانتماء المغربي، وتوقيع بصري حديث يعكس الطموح الرقمي، ما يعكس سعي المؤسسة إلى مخاطبة زبناء الداخل والخارج بلغة تدمج الثقة بالحداثة. ومن بين أبرز رهانات المرحلة المقبلة، التوجه نحو مغاربة العالم الذين لا يمثلون سوى 4% من الزبناء، رغم ثقلهم المالي والاجتماعي، إضافة إلى إمكانية التوسع في الأسواق الإفريقية مستقبلاً، مستفيدين من إرث “سهام” في التأمين.
بهذا المسار، لا يبدو أن “سهام بنك” مجرد مشروع مصرفي جديد، بل تعبير عن إرادة مغربية في تحرير القرار المالي، وتوطين الفعل الاستراتيجي، في وقت يتراجع فيه النفوذ المصرفي الأوروبي من إفريقيا. تجربة يُراهن عليها لتشكل نموذجا في بناء بنك وطني بملامح سيادية، يتحدث لغة السوق بلون مغربي خالص.