الصحافة _ كندا
في خطوة تُوصف بأنها أقرب إلى التجميل السياسي منها إلى المبادرة المجتمعية الجادة، أعلنت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين ورابطة المهندسين المعماريين الاستقلاليين عن إطلاق أنشطتهما ضمن برنامج “2025 سنة التطوع”، خلال حفل يُنظَّم بمقر الحزب بالرباط برئاسة الأمين العام نزار بركة، في مشهد لا يخلو من بعد رمزي يعكس محاولات استعادة المبادرة داخل مشهد سياسي مترهّل.
ورغم ما تُحاول المبادرة الترويج له من أهداف نبيلة حول ترسيخ ثقافة التطوع والمواطنة، إلا أن السياق السياسي والاجتماعي الذي تُطرح فيه يثير الكثير من علامات الاستفهام. فالأحزاب التي غابت عن تأطير الشارع، وشاركت في إنتاج أعطاب المنظومة التعليمية والاجتماعية، لا يمكنها اليوم أن تقدم العمل التطوعي كبديل عن العمل السياسي المسؤول. بل إن الحديث عن تعزيز قيم المواطنة والتضامن من طرف تنظيم حزبي فقد الكثير من شرعيته المجتمعية، يبدو أقرب إلى المناورة السياسية منه إلى الالتزام العملي.
البرنامج، الذي يَعد بتكوين وتأطير ومواكبة، يعكس – في نظر عدد من الفاعلين المدنيين – نمطًا من الاشتغال الموسمي الذي يتكرر كلما اقتربت الاستحقاقات أو اشتدت الأزمة السياسية، في غياب رؤية بنيوية أو قطيعة مع منطق الولاء الحزبي والمبادرات الانطباعية.
أما الحديث عن تعبئة الشباب وتأهيل الكفاءات، فيبدو في نظر المنتقدين مفارقة صارخة، في وقت تعاني فيه فئات واسعة من الشباب من الإقصاء الاجتماعي والبطالة، دون أن تكون للحزب مواقف واضحة أو مرافعات فعلية بشأن السياسات العمومية التي ساهم في صياغتها أو التصويت عليها.
بهذا المعنى، فإن ما يسمى بـ”سنة التطوع” يبدو أقرب إلى مبادرة استعراضية للاستهلاك الإعلامي، تُوظف فيها شبكات الحزب وروابطه المهنية لإحياء واجهة حزبية متآكلة أكثر مما تُوظف لإعادة بناء جسور الثقة مع المجتمع. ولعلّ السؤال الحقيقي ليس عن عدد الورشات والأنشطة، بل عن مدى قدرة هذه الدينامية على مساءلة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تكرس اللاعدالة وتُنتج الهشاشة، والتي ساهمت فيها نخب حزبية كانت – وما تزال – جزءاً من المشكل لا من الحل.