الصحافة _ كندا
مرة أخرى، يخرج إغناسيو سمبريرو من جحره الإعلامي ليحاول عبثًا تلويث لحظة الانتصار المغربي في مجلس الأمن، بعد أن دوّى القرار الأممي رقم 2797 كصفعة على وجه دعاة الانفصال وحراس الوهم الاستعماري في مدريد والجزائر على السواء.
لكن ما لا يستطيع هذا الصحافي الإسباني هضمه – رغم كل محاولاته المسمومة – هو أن المغرب انتصر هذه المرة بالشرعية والقانون والتاريخ والدبلوماسية الملكية الحكيمة، لا بالبروباغندا ولا بالصراخ، وأن العالم بأسره بات يقولها علنًا: الصحراء مغربية، والمملكة ثابتة في موقع القيادة لا التبعية.
إن إغناسيو سمبريرو الذي بنى “نجوميته” على الإساءة للمغرب ومؤسساته، لم يجد اليوم ما يهاجم به هذا البلد سوى الحنين المرضي إلى زمن الوصاية الإسبانية، وكأن في داخله شعورًا دفينًا بالذنب لأن مدريد فقدت آخر أوراقها في الجنوب.
ولأن الحقيقة أقوى من الأوهام، يحاول الرجل – في مقال حاقد نشره بـ El Confidencial – أن يصرف الأنظار عن القرار التاريخي لمجلس الأمن، بتأويلات سمجة حول “مطالب الرباط تجاه إسبانيا”، ناسيا أن من يقف على أرض التاريخ لا يطالب بل يقرر.
إن المغرب اليوم لا يفاوض على سيادته، بل يكرّسها خطوة بخطوة، من طنجة إلى الكويرة، بتوجيه من قائد الأمة جلالة الملك محمد السادس، الذي حوّل المعركة من نزاع إقليمي إلى ملحمة أممية تنتصر فيها الشرعية على الخداع، والدبلوماسية الهادئة على الضجيج الإعلامي.
أما إغناسيو سمبريرو، فيتحدث وكأنه الناطق الرسمي باسم “إسبانيا القديمة”، تلك التي ما زالت ترى في الجنوب مجالًا للتباهي بالوصاية بدل الشراكة. حديثه عن “خنق سبتة ومليلية” ليس سوى اعتراف غير مباشر بأن الزمن الاستعماري انتهى وأن المغرب بات يتعامل مع تلك الملفات بمنطق الدولة القوية لا التابع الصامت.
والحقيقة أن إغناسيو، الذي يزعم “الخبرة” في شؤون المغرب، لم يتعلم بعد أن هذا البلد لا يساوم على كرامته، ولا ينتظر شهادة حسن سلوك من صحيفة إسبانية.
ويتحدث عن “الضغط المغربي” كأنه اكتشاف جديد، متناسيا أن الديبلوماسية المغربية مدرسة في الصبر الاستراتيجي، وأن الرباط لا تضغط إلا بالحق، ولا تتحرك إلا بوعي استراتيجي يجعل من قراراتها خطوات محسوبة في إطار رؤية ملكية واضحة عنوانها: “المغرب الموحّد الذي لن يتطاول أحد على حدوده التاريخية”.
والمفارقة المضحكة في خطاب سمبريرو أنه ينتقد المغرب لأنه ينجح. نجاحه في مجلس الأمن أصبح مشكلة بالنسبة له، وانتصاراته الاقتصادية في إفريقيا “تهديدًا”، وتحالفاته الاستراتيجية “مناورة”.
إنه ببساطة نموذج الصحافي الذي لا يغفر للمغرب أنه تحرر من عقدة الجار المتفوق، وأنه اليوم يجلس إلى طاولة الكبار كشريك محترم لا كدولة تحت الوصاية الأوروبية.
ما لم يفهمه سمبريرو – أو لا يريد أن يفهمه – هو أن المغرب اليوم ليس بحاجة لاعتراف مدريد أو تصفيق بروكسيل، لأن الأمم المتحدة نفسها قالتها بوضوح: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الواقعي الوحيد، وأن الاستفتاء مات ودفن مع أوهام الحرب الباردة.
أما محاولاته الخجولة للتلويح بملفات الأجواء والحدود والجيوب المحتلة، فهي ليست سوى تذكير بأن مدريد ما زالت أسيرة ملفات لم تحسمها منذ 1975، بينما المغرب يحسم يومًا بعد يوم معاركه السياسية والدبلوماسية والاقتصادية بثقة واقتدار.
إن مقال سمبريرو لا يعكس سوى حالة من الارتباك الإسباني أمام نجاح الدبلوماسية الملكية المغربية، وحنق النخبة الإعلامية التي ترى في كل خطوة مغربية ناجحة تهديدًا لصورتها القديمة عن “المغرب الصغير”.
لكنه ينسى أن هذا البلد الذي حاولت بعض الأقلام الإسبانية تهميشه لعقود أصبح اليوم شريكًا في تنظيم كأس العالم 2030، وفاعلًا اقتصاديا في غرب إفريقيا، وصوتًا مسموعًا في الأمم المتحدة.
باختصار، إغناسيو سمبريرو لا ينتقد المغرب، بل ينتقد سقوط الوهم الإسباني القديم، ويفضح عجز الصحافة التي لا تزال تكتب من وراء نظارات استعمارية صدئة.
أما المغرب، ملكًا وشعبًا ومؤسسات، فقد تجاوز هذه الذهنيات ويمضي بثقة نحو المستقبل، حيث السيادة لا تُناقش، والوحدة لا تُفاوض، والكرامة لا تُقايض.
إن العالم اعترف… ومجلس الأمن حسم… والمغرب ماضٍ بثبات في طريق الملوك.
أما إغناسيو سمبريرو ومن على شاكلته، فليس أمامهم سوى كتابة التاريخ من مقاعد المتفرجين.














