الصحافة _ كندا
بعد تسع سنوات من توقفها ودخولها مسطرة التصفية القضائية، لا تزال مصفاة “سامير”، الوحيدة في المغرب، تبحث عن مشترٍ في سوق يغيب عنها الحسم السياسي وتغيب عنها الرؤية الاستراتيجية. ورغم عشرات العروض المحلية والدولية، يراوح ملف التفويت مكانه، وسط تعقيدات قانونية وهيكلية تُجمّد استئناف نشاطها في وقت تستورد فيه المملكة 100% من حاجياتها من المحروقات المكررة، بكلفة فاقت 12 مليار دولار سنة 2024.
وتشير أرقام رسمية إلى أن المصفاة، التي كانت تغطي ما يقارب 64% من الاستهلاك الوطني قبل توقفها في 2015، كانت توفر هامشاً مهماً للتحكم في الأسعار وتقليص كلفة التخزين، قبل أن تُثقل كاهلها ديون تتجاوز 4 مليارات دولار، ما أدى إلى توقف الإنتاج والدخول في نزاع دولي مع مالكها السابق، محمد العمودي، الذي انتزع حكماً من المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار يُلزم المغرب بتعويض جزئي قدره 150 مليون دولار، لا يزال قيد الطعن.
ويُجمع الخبراء على أن غياب قرار حكومي واضح بخصوص مستقبل صناعة التكرير، يُعد أكبر عائق أمام عودة “سامير” إلى الاشتغال، في ظل غياب سياسة عمومية محفزة تُقنع المستثمرين الجادين بولوج قطاع يتطلب استثمارات ضخمة وطويلة الأمد.
ويؤكد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن المصفاة لا تزال قابلة للإصلاح، وأن استثمارًا لا يتجاوز 300 مليون دولار يمكن أن يُعيد تشغيلها خلال 15 شهرًا فقط، مشيرًا إلى أن تأميمها أو تمويلها عبر اكتتاب وطني خياران مطروحان لإنقاذها.
ورغم الغموض الذي يلف الملف، تستمر المحكمة التجارية في تجديد إذن استمرار عقود العمل كل ثلاثة أشهر، في ما يشبه “التنفس الاصطناعي” لمؤسسة استراتيجية تُعد اختبارًا حقيقيًا لإرادة الدولة في بناء أمن طاقي مستقل ومتوازن.