الصحافة _ كندا
رغم تأكيد الحكومة المتواصل على أن أسعار الخبز المدعّم ستظل مستقرة في حدود 1.20 درهم، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن مفارقة صادمة: هذا السعر لم يعد مطبقا فعليا منذ فترة طويلة، وسط اختفاء شبه تام للعملات النقدية الصغيرة (الصوانت) وتوقف المواطنين والباعة عن تداولها.
ووفق معطيات حصلت عليها جريدة الصحافة الإلكترونية، فإن الخبز الذي يفترض أن يباع بدرهم و21 سنتيما، يتم تسويقه فعلياً بسعر أدنى لا يقل عن درهم ونصف، مع تفاوتات طفيفة حسب المناطق والأحياء.
وأكدت مصادر مهنية للجريدة أن هذا الوضع مستمر منذ عدة أشهر دون أن تصدر الحكومة أي توضيحات رسمية أو توجهات جديدة، رغم الأثر المباشر لذلك على القدرة الشرائية لفئات واسعة من المواطنين.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن السبب الرئيسي لهذا التحول غير المعلن هو اختفاء القطع النقدية الصغيرة من فئتي 10 و20 سنتيما. وحتى في حال العثور عليها نادراً، فإن التجار والزبناء معاً باتوا يرفضون التعامل بها، وسط اعتقاد واسع بوجود قرار غير معلن من بنك المغرب بسحبها من التداول، وهو ما أكدته مصادر متقاطعة من مهنيين وتجار صغار لـجريدة الصحافة الإلكترونية.
هذا الواقع جعل السعر الرسمي للخبز المدعّم رقماً نظرياً بلا تطبيق فعلي، حيث اضطرت المخابز التقليدية والعصرية، ومحلات البقالة، إلى رفع السعر تلقائياً إلى درهم ونصف، دون إعلان رسمي، في غياب تدخل واضح من السلطات التنظيمية التي، وفق مصادر مهنية، تكتفي برصد الوضع دون اتخاذ خطوات عملية.
هذا الوضع يثير تساؤلات ملحة حول مصداقية الخطاب الحكومي بشأن دعم المواد الأساسية. فبينما دأب مسؤولون حكوميون، من بينهم الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، على تأكيد استقرار سعر الخبز رغم رفع الدعم الجزئي عن غاز البوتان، تكشف الوقائع أن الزيادة حصلت بالفعل عبر مسار غير مباشر: تعطيل تداول العملات الصغيرة، ما جعل الالتزام بالسعر المدعّم عملياً أمراً شبه مستحيل.
وكانت الفيدرالية المغربية للمخابز والحلويات قد شددت في أكثر من مناسبة، آخرها في ماي 2024، على التزامها بعدم رفع السعر الرسمي للخبز “في الوقت الراهن”، لكنها في المقابل دعت إلى حوار عاجل مع الحكومة، بسبب تفاقم الإكراهات المادية التي تهدد استمرارية المخابز. وأكد رئيس الفيدرالية حينها أن كلفة الإنتاج ارتفعت بشكل خانق، وأن هوامش الربح تقلصت إلى مستويات خطيرة.
ومع ذلك، توضح المعطيات التي توصلت بها جريدة الصحافة الإلكترونية أن الصعوبات المالية، رغم حدتها، لم تكن العامل الوحيد وراء ارتفاع السعر الفعلي للخبز، بل إن اختفاء العملات الصغيرة كان السبب الحاسم الذي أجهز على السعر الرمزي لخبزة 165 غراماً، وأعاد تحديد ثمنها الواقعي عند درهم ونصف.