الصحافة _ كندا
أشعلت صفقة الرادارات الجديدة التي اقتنتها الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية من شركة ألمانية، جدلًا واسعًا في الأوساط المهنية، بعدما وجه المرصد الوطني للنقل الطرقي انتقادات حادة لهذا الاختيار، متسائلًا عن جدوى وملاءمة هذه الأجهزة للواقع المغربي.
المرصد، في بيان له، أشار إلى أن هذه الرادارات من طراز PoliScan، التي بدأ تثبيتها منذ 10 يونيو الماضي في الدار البيضاء ومراكش، قد واجهت انتقادات حتى في بلد المنشأ. وأورد مثالًا لقضية عرضت على إحدى المحاكم الألمانية، انتهت بإلغاء غرامة سرعة بعد أن شكك أربعة خبراء في دقة الجهاز، مؤكّدين أن النظام لا يقدم دليلًا قاطعًا على السرعة في حالات تغيير المسار أو تداخل المركبات.
“إذا كانت المحاكم الألمانية نفسها قد ارتابت في مصداقية هذا الجهاز، فهل درست الجهات المغربية هذه السوابق قبل توقيع الصفقة؟” يتساءل المرصد، مضيفًا أن اختيار نموذج مخصص أساسًا للطرق السيارة والسرعات الفائقة لا ينسجم مع أولويات السلامة الطرقية بالمغرب، حيث تسجل أعلى معدلات الوفيات داخل المجال الحضري، وغالبًا ما تكون الدراجات النارية طرفًا رئيسيًا فيها.
الأرقام الرسمية الصادرة عن لجنة اليقظة التابعة للجنة الدائمة للسلامة الطرقية تكشف عن ارتفاع صادم بنسبة 48,9% في وفيات حوادث السير بالمناطق الحضرية إلى غاية نهاية يوليوز 2025، ما يطرح سؤالًا عن جدوى استثمار عشرات الملايين في تكنولوجيا قد لا تعالج أصل المشكلة.
المرصد لم يخف أيضًا تحفظاته على الجانب المالي للصفقة، مشيرًا إلى أن عرض الشركة الألمانية قُبل رغم تجاوزه التقديرات الأولية بأكثر من 9 ملايين درهم، إذ بلغت قيمته نحو 29,5 مليون درهم مقابل سقف تقديري لا يتجاوز 20 مليون درهم، ومن دون منافسة حقيقية أو دراسة بدائل أقل كلفة.
وبينما تؤكد “نارسا” أن الأجهزة الجديدة تمتاز بدقة عالية، وقدرة على المراقبة في اتجاهين وأربعة مسارات، مع استقلالية تشغيل تصل إلى 12 يومًا ومقاومة للتخريب، يصر المرصد على طرح السؤال الجوهري: هل يحتاج المغرب إلى أجهزة فائقة ومعقدة، أم إلى حلول بسيطة وفعالة تركز على النقاط السوداء الحقيقية لحوادث السير؟