خمسون عاماً بعد المسيرة الخضراء.. المغرب يجدد العهد مع التاريخ والوطن

26 أكتوبر 2025
خمسون عاماً بعد المسيرة الخضراء.. المغرب يجدد العهد مع التاريخ والوطن

الصحافة _ كندا

في العيون، عاصمة الصحراء المغربية، لا تبدو الاحتفالات بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء فقط طقوس وطنية روتينية، بل هي لحظة رمزية عميقة تختصر نصف قرن من الإصرار على الوحدة والبناء. فكل شارع تزيّن بالأعلام، وكل ساحة أضيئت بالأنوار، تحمل في طياتها نبض الوطن المتجدد، وتعلن أن المغرب لا يحتفل بالماضي فحسب، بل يرسم المستقبل على أرض الصحراء المغربية بكل ثقة واعتزاز.

من المنتظر أن يشرف الملك محمد السادس، نصره الله، على هذه الاحتفالات المهيبة من قلب العيون، في زيارة تاريخية جديدة تترجم التلاحم الأبدي بين العرش والشعب، وتؤكد أن الصحراء ليست فقط في خريطة المغرب، بل في وجدانه وضميره الجمعي. فالخطاب الملكي المرتقب من العيون سيكون بلا شك لحظة وطنية حاسمة، يكرّس فيها المغرب سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية، ويجدّد التزامه بالوحدة الترابية كقضية وجود لا تقبل المساومة ولا المزايدة.

لقد كانت المسيرة الخضراء سنة 1975 لحظة مفصلية في التاريخ المغربي الحديث، حين قاد الملك الراحل الحسن الثاني 350 ألف مغربي ومغربية نحو الصحراء بقلوب مؤمنة وبأيدي عارية، في مسيرة سلمية عبقرية لقّن بها المغرب العالم درساً في الوطنية والحكمة السياسية. واليوم، بعد مرور نصف قرن، يواصل المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نفس المسيرة — لا بالأقدام، ولكن بالمشاريع، لا بالشعارات، ولكن بالمنجزات.

من ميناء فوسبوكراع إلى مشاريع الطاقة المتجددة، ومن الطرق السريعة إلى المدن الجديدة، تحولت العيون إلى نموذج حيّ للتنمية المتوازنة، يجمع بين الحداثة والهوية، بين الذاكرة والنهوض الاقتصادي. هذه ليست “صحراء نزاع”، كما يريد خصوم الوطن تصويرها، بل صحراء الحياة والنهضة، التي تُصدّر اليوم الأمل والعمل إلى إفريقيا والعالم.

سياسياً، تأتي هذه الذكرى في ظرف دولي يشهد تزايد الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، وفتح القنصليات الأجنبية في العيون والداخلة، وهو تأكيد على أن المغرب كسب المعركة الدبلوماسية كما كسب المعركة التاريخية. فالعالم يرى اليوم في مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007، حلاً واقعياً وجاداً، يعكس نضج الدولة المغربية واستقرارها في محيط متقلب.

العيون اليوم ليست فقط مدينة تستعد لاستقبال الملك، بل هي عنوان المرحلة المغربية الجديدة: مغرب يواجه التحديات بالتنمية، ويرد على المناورات بالإنجاز، ويحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء بروح من الوطنية الهادئة والواثقة. فالمسيرة التي بدأت لاسترجاع الأرض، مستمرة اليوم لترسيخ الكرامة، وصون الذاكرة، وبناء المستقبل.

ولعل أجمل ما يمكن قوله في هذه المناسبة أن المغرب، بعد خمسين سنة، لم يعد يسير نحو صحرائه… بل صحراؤه هي التي تسير به نحو المستقبل.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق