حكومة أخنوش تُعيد تسويق اتفاقات منتهية الصلاحية وتُهرب الحوار الاجتماعي إلى أرشيف الشعارات!

30 أبريل 2025
حكومة أخنوش تُعيد تسويق اتفاقات منتهية الصلاحية وتُهرب الحوار الاجتماعي إلى أرشيف الشعارات!

الصحافة _ كندا

مرة أخرى، تختار حكومة عزيز أخنوش الهروب إلى الأمام، بإصدار بلاغ طويل عريض يوحي بحوار اجتماعي منتج، بينما الحقيقة المرة أن جولة أبريل 2025 لم تُفضِ إلى أي اتفاق جديد، بل أعادت تسويق تعهدات قديمة مرّت عليها أشهر بل سنوات، وتفادت عمداً الغوص في عمق المطالب النقابية والاجتماعية الحارقة التي لا تحتمل التأجيل.

البلاغ الحكومي، الذي بدا أشبه بكتيب دعائي، لم يحمل سوى وعود تم تأطيرها سابقاً في اتفاقات أبريل 2022 و2024. لا جديد يُذكر، ولا التزام فعلي يُسجل خارج ما سبق الاتفاق عليه، وكأن الحكومة تُراهن على ضعف الذاكرة الجماعية، أو أنها تعتبر تمرير الزمن إنجازاً في حد ذاته.

صحيح أن البلاغ تحدث عن صرف دفعة ثانية من زيادة عامة في الأجور بـ500 درهم في يوليوز 2025، لكنه أغفل تماماً السياق الحالي المتأزم، الذي يقتضي إجراءات فورية لمواجهة الغلاء وانهيار القدرة الشرائية. فهل يُعقل أن تنتظر الشغيلة ستة أشهر أخرى في ظل أسعار محرقة للمحروقات والغذاء والخدمات؟ هل تظن الحكومة أن “التقسيط الممل” للأجور هو حل سحري لتغطية فشلها في كبح جماح التضخم؟

أما في القطاع الخاص، فالحكومة اختارت تسويق رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 5%… لكن بعد سنة كاملة! فأي جدوى من قرار يُنفّذ في 2026 بينما العمال يسحقهم اليوم جنون الأسعار؟ بل إن الحديث عن “توحيد الحد الأدنى للأجر” في أفق 2028 يكشف حجم المماطلة السياسية وغياب أي حس استعجالي.

الأسوأ من ذلك، هو تكرار الحكومة لنفس “التكتيك الخشبي”: الإشادة بالحوارات القطاعية دون أي أثر ملموس على أرض الواقع، والحديث عن لجان وتصورات ودراسات، في وقت يعرف فيه الجميع أن الملفات الفئوية (المهندسون، المتصرفون، المفتشون…) باتت قنابل اجتماعية موقوتة، لا تُعالج ببلاغات المجاملة أو مناشير غير ملزمة.

ولأن الحكومة تدرك تماماً أن المطلب الشعبي الأهم هو إصلاح أنظمة التقاعد، فقد اختارت تكتيك “اللجنة الوطنية”، تلك اللجنة التي تُشكَّل كلما أرادت الحكومات دفن ملف ثقيل في مقبرة الزمن المؤسساتي الطويل. فإحداث لجنة لا يعني شيئاً ما لم تكن لها آجال واضحة وقرارات حاسمة، فالمتقاعدون لا يعيشون على النوايا بل على معاشاتهم.

في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن المغربي تدابير استثنائية، تلجأ الحكومة إلى “التضخيم الرقمي”، مستعرضة تكلفة الإصلاحات كما لو كانت مِنَّة أو إنجازاً خارقاً، بينما الواقع يقول إن ما تم تحقيقه لا يرقى إلى تطلعات الشغيلة ولا يستجيب لحجم الضغط الاجتماعي. الحديث عن رفع الأجر المتوسط في القطاع العام إلى 10.100 درهم في أفق 2026 ليس إنجازاً بل هروب من الحاضر، حين تعلم أن الحد الأدنى للعيش الكريم اليوم لا يقل عن هذا الرقم.

إن بلاغ الحكومة ليس سوى محاولة بائسة لتزيين واجهة الحوار الاجتماعي، وإعطاء الانطباع الزائف بأن الأمور على ما يُرام. لكن الحقيقة أن الحكومة فشلت حتى الآن في مأسسة حقيقية لهذا الحوار، وما زالت تتعامل مع النقابات بروح الوصاية والانتقائية، لا بروح الشراكة والتعاقد السياسي والاجتماعي.

في ظل هذا الانفصال عن الواقع، لا يُستبعد أن تشهد المرحلة المقبلة عودة الاحتقان الاجتماعي بقوة، خاصة إذا استمر الاستهتار بالمطالب الآنية، واستمر ترويج البلاغات بدل إقرار الحقوق.

فإلى متى ستظل الحكومة تلوك نفس الشعارات، وتنتشي بوعود ماضية، بينما الحاضر يحترق والمواطن يئن؟ وهل نحتاج إلى اتفاق اجتماعي جديد، أم إلى إرادة سياسية حقيقية تترجم الكلام إلى التزام؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق