الصحافة _ أمريكا بقلم حسن أبوعقيل
حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللجوء إلى قناة الجزيرة باعتبارها تغطي العالم بالأخبار وبالبرامج الهادفة وللعدد الكبير الذي يتابع هذه الآلة الإعلامية في حصادها الصحفي اليومي , ويبقى هدف رئيس الجمهورية الفرنسية التخفيف وشرح ما قاله سالفا في أول تصريحاته بعد حدث نيس وكذلك مقتل صامويل باتي التي اعتبرها العالم الإسلامي والجاليات العربية والإسلامية خصوصا القاطنة بفرنسا تحدي وتهديد واضح يستهدف الديانة الإسلامية وينذر بسن قوانين جديدة ضد المهاجرين من أصول عربية ومسلمة وكذلك ترقب شديد لإنشاء ديانة إسلامية وفق إرادة الجمهورية الفرنسية ومن يحكمها .
رئيس فرنسا أكثر في تصريحاته ويحاول جعل الحدث قضية كبرى تتطلب مشروع قانون كما هو مقترح اليوم في إطار خطة مشروع ضد الإنفصالية وهو مشروع لا فائدة منه لكون تواجد وفرة القوانين الملزمة لكل ما يشكل خطرا على البلاد فلماذا قانون جديد لن يصوت عليه البرلمان وخاصة حزب اليسار.
إيمانويل ماكرون يتحدث بوجهين وبتصريحات مزدوجة فعندما يقول أنه يحارب الإيديلوجية المتطرفة وليس أي دين وفي نفس الوقت يتحدث عن المسلمين والإسلامويين والإسلام المتطرف دون أن يتحدث عن باقي الديانات ويلجأ إلى سن قانون نحو الجمعيات الإسلامية بفرنسا تحت شعار” مشروع ضد الإنفصالية ” فالأمر واضح للعيان , فهو يستهدف الدين الإسلامي فقط ويشد بقبضته على المسلمين .
ماكرون وجد نفسه بعد التصريحات وخرجته الإعلامية , أنه وضع شخصه في محل التشكيك وصنف نفسه خادما للديانات الأخرى دون الإسلام وفي نفس الوقت يرفع كما يقول في تحد صريح راية العلمانية عاليا وأنه يصر على إبقاء الرسوم الكاريكاتورية كحرية فردية ولا يمكن الإمتثال للإديلوجيات – كما يقول – المتطرفة وهو يقصد بها الدين الإسلامي .
دخوله في حوار مع صحافة قناة الجزيرة واختياره لها في هذه الظروف العصيبة , محاولة لتعميم رأيه على أكبر عدد من المشاهدين والجمهور في العالم وليس فرنسا فقط , حيث غير موقفه المعادي كما صرح به وكذلك موقف وزير داخليته الذي يصب في نفس الهدف , وحاول أن يعطي شرعية لتصريحاته مؤكدا أن الجمهور لم يفهم المقصود والحقيقة أنه – ماكرون – غير موقفه خوفا من إستمرار المقاطعة للبضائع والمنتوجات الفرنسية , رئيس الجمهورية حاول أن يكون حليما وفي نفس الوقت يتشبت برأيه وكأن فرنسا يعيش فيها الإسلام المتطرف حتى يعطي الضوء الأخضر لتشديد الخناق على الجاليات المسلمة ويضع تحت رقابته المراكز الإسلامية وهذا من حقه لأن الجاليات تتواجد على تراب الجمهورية الفرنسية فعليها أن تحترم القوانين الجاري بها العمل .
فإذا كان هناك مسلمون متشددون , فرئيس الحكومة ليس من حقه التحدث عن الإسلام بصفة عامة عليه أن يخرج بخطابات واضحة وشفافة وتسمي الأمور باسمها حتى لا تقع مثل هذه الإختلافات المؤدية إلى خلافات , فالرئيس الفرنسي من حقه أن يدبر إدارة الجمهورية لكن في إطار ديمقراطي يلمس فيه الشارع العام الحرية لكل فرد ولا فرق بين المواطنين الفرنسيين او الفرنسيين من اصول عربية اسلامية ومادامت الدولة الفرنسية علمانية فمن حق المواطن ممارسة المعتقد الديني وأن ينتسب لأي ديانة شاء وأن يكرس السياسة والإنتماء الحزبي فكلها حق من الحقوق التي تهم الفرد , لكن الغير مشروع أن يوجه الخطاب وأن يتعنت رئيس الجمهورية للرسوم التي تسيئ للرسول صل الله عليه وسلم ويؤكد عليها من خلال منبر قناة الجزيرة التي يشاهدها ملايين المسلمين وهذا إستفزاز آخر و مفارقة لايمكن أن تمر بسهولة على المسلمين بغض النظر عن باقي الإسلاميين المتطرفين والمتشددين , كان على الرئيس أن يصمت بخصوص الرسومات المسيئة للرسول وأن يبقى محايدا لكن دفاعه عن صحيفة إبدو أصبح رسميا وقد تبنى ذلك بتصريحاته ولم يترك المجال للمسلمين في العالم أن يخاطبوا الصحيفة المستقلة والسبب رئيس الجمهورية الذي أعطى الفرصة لكل الردود والتعليقات سواء كانت من المسلمين أو من السياسيين والأحزاب الفرنسية وللتأكيد يعود الرئيس لتصريحات حزب اليسار وكذا الأحزاب الأخرى والمنظمات والجمعيات الحقوقية أما الخطاب الداعم من قبل الإتحاد الأوروبي فالعالم يعرف مدى التبعية ومدى العدوانية القائمة ضد الإسلام والمسلمين باستثناء ألمانيا وتحفظها من التصريحات المستفزة للطرف الآخر والخالقة للصراع .
على أي أن الرئيس الفرنسي هو ماض في سياسته من أجل كسب عطف المواطنين الفرنسيين وجرهم للتصويت في الإنتخابات القادمة وما يجري اليوم في الساحة الفرنسية هو حملة إنتخابية للرئيس بمفرده خاصة بعد تبنيه لإديلوجية اليمين المتطرف الغاضبة على المهاجرين وعلى كل ما هو إسلامي .
فاصل ونواصل.