الصحافة _ كندا
وجّه حزب التجمع الوطني للأحرار، عبر نائبه البرلماني محمد احويط، رسائل سياسية حادة إلى حليفه في الحكومة حزب الاستقلال، من خلال انتقادات مبطنة لأداء وزير التجهيز والماء نزار بركة، في تدبير واحد من أكثر الملفات حساسية في البلاد: ملف الماء.
احويط، الذي تحدث باسم فريق الأحرار خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز والماء، لم يذكر الوزير بالاسم، لكنه صوّب بدقة نحو القطاع الذي يشرف عليه، قائلاً إن “تدبير ملف الماء أولوية استراتيجية لم يعد يحتمل أي هامش للخطأ”، وإن التحديات المرتبطة بندرته “تزداد حدة وصعوبة وجسامة كل يوم”، في إشارة واضحة إلى تأخر الوزارة في تنزيل بعض المشاريع الحيوية، خاصة المتعلقة بالسدود وتحلية المياه.
النائب البرلماني شدد على أن الحكومة مطالَبة بالمزيد من الابتكار والنجاعة، خصوصاً في سياق استعداد المغرب لتنظيم كأس العالم 2030 وبناء الدولة الاجتماعية، مضيفاً أن الغلاف المالي المخصص للوزارة يحتاج إلى حكامة أكبر وجدّية في التنفيذ، وهو تصريح فسّره مراقبون على أنه نقد مباشر لطريقة اشتغال نزار بركة وفريقه، خصوصاً بعد الجدل الذي رافق تدبير أزمة العطش في بعض المناطق.
احويط لم يكتف بالإشادة بالإرث المائي الذي تركه الراحل الحسن الثاني عبر سياسة السدود، بل أشار بنبرة لافتة إلى أن “المغرب يتوفر على 153 سداً كبيراً و141 سداً صغيراً و14 محطة لتحلية مياه البحر”، معتبراً أن هذا الرصيد “يتطلب تعبئة وطنية ومتابعة دقيقة وليس بطء المساطر الإدارية”، في ما بدا تلميحاً إلى تباطؤ الوزارة في إنجاز المشاريع الجديدة.
ولم يغفل البرلماني عن الإشارة إلى ضعف الحماية من الفيضانات، قائلاً إن بعض المناطق الشرقية عاشت فيضانات مدمّرة، مطالباً بتعميم تجربة الحواجز الوقائية على باقي الأقاليم، خاصة الشمال وإقليم وزان الذي “يعرف تهميشاً واضحاً”، على حد قوله. وأضاف أن مشاريع مثل سد لقشاشدة وتملة بجماعة زومي وسد تالوين بجماعة مقاربصات لم ترَ النور بعد، داعياً الوزير إلى “التدخل الشخصي والعاجل لحلحلة هذا الملف الذي تنتظره الساكنة بأمل كبير”.
هذه الملاحظات، التي جاءت في سياق مناقشة تقنية، حملت في طياتها رسائل سياسية واضحة. فبين السطور، يُقرأ خطاب الأحرار كنوع من الضغط السياسي على نزار بركة، الذي يشغل حقيبة استراتيجية داخل حكومة يرأسها عزيز أخنوش، خصوصاً في وقت تتصاعد فيه مؤشرات التنافس الخفي بين الحزبين الحليفين استعداداً للاستحقاقات المقبلة.
اللافت أن هذا التصعيد يأتي في لحظة دقيقة، حيث تحاول الأغلبية الحكومية إظهار انسجامها أمام الرأي العام، لكن خطاب الأحرار داخل البرلمان يعيد إلى الواجهة التوتر المكتوم بين مكوّناتها، ويكشف أن معركة الماء قد تتحول إلى معركة سياسية مفتوحة بين أخنوش وبركة.














