الصحافة _ كندا
أثارت رسالة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، التي رخص فيها لوزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي باللجوء إلى المسطرة التفاوضية لإبرام عشرات الصفقات العمومية، موجة من الجدل في الأوساط السياسية والحقوقية، وسط تحذيرات من “خرق قانوني واضح” ومخاوف من تكرار سيناريو الصفقات الاستثنائية التي أثيرت حولها الشبهات خلال جائحة كورونا.
الترخيص المؤرخ في 13 أكتوبر 2025، جاء استجابة لطلب الوزير الموجه في 7 أكتوبر، والذي علّل فيه لجوءه إلى هذه المسطرة بـ“حالة الاستعجال القصوى” لإصلاح وتأهيل المؤسسات الصحية بمختلف جهات المملكة. غير أن هذه المبررات لم تُقنع العديد من المراقبين الذين اعتبروا أن اللجوء إلى هذه الصيغة “يفتقر لأي أساس قانوني”، لأن المرسوم المنظم للصفقات العمومية يحصرها في حالات استثنائية محددة، مثل الكوارث الطبيعية أو التهديدات الصحية الطارئة.
ويرى الوزير السابق في الميزانية إدريس الأزمي الإدريسي أن هذا الترخيص يمثل “تجاوزًا لصلاحيات رئيس الحكومة”، لأن القانون يمنح صاحب المشروع وحده حق تبرير اللجوء إلى المسطرة التفاوضية، وليس الترخيص الشامل كما ورد في رسالة أخنوش. وأضاف أن الصفقات موضوع الترخيص لا تندرج ضمن الحالات التي تستدعي السرية أو ترتبط بالدفاع الوطني، مما يجعل الإجراء “انحرافًا قانونيًا ومؤسساتيًا خطيرًا”.
الأزمي وصف الخطوة بأنها “تحدٍّ للرأي العام وتقويض لمبدأ الشفافية”، معتبرًا أن ما يجري محاولة لتغطية تقصير سابق في تنفيذ برامج الإصلاح الصحي وليس استجابة لحالة طارئة. كما دعا إلى التراجع الفوري عن هذا الترخيص والعودة إلى المساطر العادية التي تضمن المنافسة وتكافؤ الفرص، محذرًا من أن تمرير مثل هذه الصفقات “يهدد الثقة في المؤسسات ويكرس منطق الزبونية والريع”.
في المقابل، تتجه الأنظار نحو المؤسسات الرقابية، وفي مقدمتها الخزينة العامة والمفتشيات المالية، التي يُنتظر أن تراقب قانونية هذه الصفقات ومدى احترامها لمبادئ الحكامة والنزاهة، خاصة في ظرفية اجتماعية دقيقة تترقب فيها البلاد تنفيذ الإصلاحات الكبرى في قطاع الصحة الذي يمثل أحد أعمدة الدولة الاجتماعية الجديدة.