الصحافة _ كندا
كشفت دراسة جديدة لجمعية “أطاك المغرب”، تحت عنوان “الصيد البحري في المغرب، الثروة المهدورة”، عن صورة قاتمة لواقع الصيد البحري في المملكة، محذّرة من أن السياسات المعتمدة، والتي تُراهن بشكل مفرط على التصدير، أصبحت تهدد الأمن الغذائي الوطني وتستنزف الثروة السمكية على نحو غير مسبوق.
الدراسة سلّطت الضوء على مفارقة صادمة: المغرب من كبار مصدّري الأسماك عالميًا، ومع ذلك لا تزال شرائح واسعة من المواطنين تعاني من صعوبات في الولوج إلى هذا المورد الغذائي الحيوي. فبدل أن تكون الأسماك مصدرًا غذائيًا أساسيا للمغاربة، تحوّلت إلى سلعة مربحة موجهة للأسواق الخارجية.
وحذّرت الوثيقة من أن الصيد الجائر والمفرط تجاوز القدرة الطبيعية للبحار على التجدد، مما أدى إلى انهيار مخزونات بعض الأنواع، وعلى رأسها الرخويات، بينما أصبحت الأسماك السطحية الصغيرة، التي تشكّل غالبية المصطادات، بدورها مهددة بالزوال.
ولم تتوقف التحذيرات عند حدود الصيد فقط، بل شملت كذلك التأثيرات البيئية المتفاقمة، من بينها الاحترار المناخي الذي يخلّ بتوازن النظم البيئية البحرية، إضافة إلى التلوث الصناعي والزراعي الناجم عن تصريف النفايات في المياه الساحلية، وهو ما يشكّل ضغطًا مضاعفًا على المحيطات والبحار المغربية.
أما على الصعيد الغذائي، فقد نبّهت الدراسة إلى تناقض حاد في السياسات العمومية، حيث يزخر المغرب بثروة سمكية تفوق احتياجاته، لكنه في المقابل يعاني من تبعية شبه كاملة في مجال الحبوب، بسبب عقود من التركيز على الزراعات التصديرية كالحوامض والطماطم، على حساب الحبوب الأساسية، ما عمّق هشاشة الفلاحين الصغار وأرهق قدرتهم التنافسية أمام لوبيات الفلاحة الكبرى.
وختمت الدراسة بدعوة واضحة إلى مراجعة شاملة للسياسات البحرية والفلاحية، تقوم على حماية المخزون السمكي، تقنين التصدير، وتعزيز السيادة الغذائية الوطنية، عبر إعطاء الأولوية لحاجيات السوق المحلية وتقليص الارتهان الغذائي للخارج.