الصحافة _ وكالات
كشف محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، عن التوجه نحو إطلاق تجربة مشتركة مع مصر لاختبار تأثير استخدام عملة رقمية في إنجاز تحويلات المغتربين، ضمن إطار دراسة التأثيرات المحتملة لهذا النوع من التعاملات على الاستقرار المالي في المغرب.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاجتماع الفصلي لمجلس البنك، اليوم الثلاثاء في الرباط، أوضح الجواهري أن هذه التجربة تدخل في سياق مشروع “الدرهم الرقمي”، الذي يستهدف في المقام الأول المعاملات الداخلية، دون إغفال أهمية المغتربين المغاربة ودورهم الحيوي في دعم احتياطي المملكة من العملة الصعبة.
وأكد الجواهري أن اختيار مصر شريكا في هذه التجربة يعود إلى التشابه بين البلدين من حيث النظام المالي، مشيرًا إلى أن كليهما يسعى إلى تحقيق الشمول المالي، على خلاف بعض الدول المتقدمة التي تجاوزت هذا الهدف وأضحت توظف العملات الرقمية في أسواق المال. وبيّن الجواهري أن المغرب، قبل اعتماد الدرهم الرقمي، يركز أولًا على تحقيق الشمول المالي من خلال الحد من التداول النقدي “الكاش”، الذي بلغ مستويات قياسية في السنوات الأخيرة داخل البلاد.
وأضاف أن البنك المركزي يعمل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتحديد أهداف واضحة لاعتماد الدرهم الرقمي، موضحًا أن هناك تصورًا أوليًا تم الاشتغال عليه مع المؤسستين حول العملات المشفّرة. وأشار المحافظ إلى أن المغرب لم يباشر بعد دراسة التأثير المحتمل للدرهم الرقمي على التوازنات الماكرو اقتصادية، حيث يتركز الاهتمام في هذه المرحلة على إمكانية مساهمة هذا المشروع في تقليص حجم التداول النقدي خارج النظام البنكي.
ولفت الجواهري إلى أن تداول النقدية في المغرب يتطور بوتيرة تتجاوز نمو الودائع لأجل في المصارف خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد الأزمة الصحية التي دفعت العديد من الأسر إلى سحب جزء من ودائعها من البنوك، نتيجة المخاوف المرتبطة بجائحة كورونا. وأوضح أن انتشار النقدية يحرم المصارف من سيولة ضرورية يمكن توجيهها للإقراض، الأمر الذي يدفع البنك المركزي إلى التدخل بانتظام لتلبية احتياجات البنوك من السيولة.
ويرى خبراء أن القطاع غير الرسمي، الذي يشكل نحو 30% من الاقتصاد المغربي، يسهم في تعزيز تداول النقدية، غير أن الجواهري يشير إلى أن هذه العلاقة ليست بالضرورة سببية، إذ إن النقدية المتداولة تمثل حوالي 28% من الناتج الإجمالي المحلي.
واختتم الجواهري حديثه بتأكيد أن الوضع في المغرب يتطلب دراسة معمقة يجريها البنك المركزي، مشددًا على تفهّمه للعوامل الثقافية التي تدفع المغاربة إلى تفضيل المعاملات النقدية، لكنه دعا إلى ضرورة تغيير هذا السلوك بما يخدم الاستقرار المالي ويعزز كفاءة النظام المصرفي.