الصٌَحافة _ الحسين اغشان من أمريكا
انتظر الشباب المغربي والفاعلين الجمعويين طويلا خروج المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي إلى حيز الوجود، آملا فيه تمثيله والتعبير عن طموحاته ومطالبه، ومنتظرا منه الإسهام في السياسات العمومية التي تعنيه وتعني مستقبله، لهذا كانت ولادته عسيرة وعرفت نقاشات طويلة، لكن ذلك تم في الأخير وصادق عليه مجلس النواب.
إن إخراج هذه المؤسسة الدستورية إلى حيز الوجود بعد طول انتظار يجب أن يكون في مستوى التطلعات بعيدا عن المحاصصة الحزبية والفئوية، لأنه يجب أن يكون قوة اقتراحية تسهم في استفادة وطننا من طاقاته الشابة ومن فاعلاته وفاعليه الجمعويين، ونحن نعلم جميعا مدى أهمية المجتمع المدني في التنمية وفي الديموقراطية، ومدى قدرته على مساعدة مؤسسات الدولة في تفعيل مشاريع التنمية، خصوصا البشرية منها، نظرا لقرب الجمعيات من الهموم اليومية للمواطن المغربي ولانشغالاته وقدرتها على التوسط ضمانا الاستقرار، مما يقتضي تأطيرها وتوجيهها وضبط مجالات اشتغالها، وذلك استبعادا للتيارات الظلامية التي تصطاد في الماء العكر وتغلف الفعل الإديولوجي بالعمل الإحساني والمساعدات وغيرها، مما يهدد استقرار الوطن وتماسك مكوناته، ولنا في الواقع عبرة، مع الإشادة بمجهودات الدولة في التصدي لمثل هذا الإستغلال للعمل الجمعوي النبيل.
إن الحديث عن الشباب وعن الجمعيات يقودنا إلى الحديث عن هذه الفئة في بلدان المهجر، مستحضرين أدوارهم في خدمة الوطن واجتهادهم للإسهام في التنمية، سواء من داخل فروع الهيئات الحزبية في بلدان الإقامة، أو من خلال الجمعيات ذات الأهداف المختلفة، والتي عبرت دوما عن روحها الوطنية. من أجل ذلك، فإننا كمغاربة للعالم نثمن تضمين تمثيليتنا داخل هذا المجلس، لكن في الآن ذاته نؤكد أننا لا نريدها تمثيلية عددية أو صورية، وإنما تمثيلية نوعية تأخذ بعين الاعتبار النشاط الشبابي والجمعوي الحقيقين، لأننا نسعى دوما إلى التواجد النوعي المثمر داخل كل المؤسسات، فمغاربة العالم يمكنهم أولا العمل في الدبلوماسية الموازية دفاعا عن قضيتنا الأولى وهي وحدتنا الترابية، من خلال التعريف بقضيتنا وبعدالتها في الأوساط المجتمعية لبلدان المهجر، ناهيكم عن دورهم في التعريف ببلادنا مما يكون له الأثر الإيجابي على الاستثمار وعلى السياحة.
يمكن لمغاربة العالم أن يكونوا عنصر الانفتاح على تجارب الدول المختلفة، خصوصا المتقدمة منها، ونقلها إلى بلادنا بعد العمل على تكييفها وتبيئتها بما يتناسب وقيمنا الدينية والوطنية ومقومات هويتنا الحضارية العريقة، وخصوصياتنا التاريخية واللغوية والجغرافية، إضافة إلى العمل على تكريس قيم الانفتاح والتسامح في الأوساط الشبابية استنادا إلى القيم الكونية والمثل الإنسانية المشتركة، وهو ما يمكنه تحصين الشباب المغربي في بلدان المهجر من الرؤى المتطرفة والأفكار المتعصبة.
لا يختلف اثنان حول أهمية هذه المؤسسة الدستورية، لكن يجب ضبط اشتغالها وتحديد مساراتها حتى لا تسقط في المنازعات السياسوية الضيقة، وحتى تكون قيمة مضافة بين المؤسسات الدستورية الأخرى وتبتعد عن الصراعات الحزبية كي لا تعوق العمل الشبابي والجمعوي بدل مساعدته والنهوض به، بمعنى، يجب أن تكون مؤسسة لكل الشباب ولكل الجمعويين بمختلف تلويناتهم واتجاهاتهم ومجالات اشتغالهم، وهذا ما يُنتظر منها، وعند مغاربة العالم الكثير ليُقدموه…