الصحافة _ كندا
وضع تقرير تحليلي صادر عن موقع “ديفنسا” (Defensa) المتخصص في الشؤون الدفاعية، مشروعي قانون المالية لسنتي 2026 في المغرب والجزائر تحت المجهر، ليكشف عن تباين جذري في فلسفة الإنفاق العسكري بين الجارين، حيث يتجه المغرب نحو “القوة الذكية” القائمة على الجودة والتصنيع المحلي، فيما تواصل الجزائر اعتماد “الإنفاق الكمي الضخم” الذي يلتهم ميزانيتها ويثقل اقتصادها المعتمد على النفط والغاز.
وفق التقرير، يركز المغرب على تحديث نوعي مدروس، من خلال شراكات استراتيجية مع الولايات المتحدة والهند وتركيا، تستهدف نقل التكنولوجيا وبناء صناعة دفاعية محلية مستدامة. في المقابل، تنفق الجزائر أموالًا طائلة على تعزيز ترسانتها العسكرية دون رؤية اقتصادية موازية، حيث خصصت نحو 22.1 مليار يورو للدفاع في ميزانية 2026، أي ما يعادل ضعف الإنفاق المغربي أربع مرات.
التقرير أشار إلى أن المغرب خصص 55.3 مليار درهم (5.1 مليار يورو) كميزانية دفاع فعلية للعام المقبل، تمثل نحو 3.4% من ناتجه المحلي الإجمالي، فيما بلغت اعتمادات الالتزام طويلة الأمد أكثر من 157 مليار درهم، موجهة بالأساس لعقود التسليح والتحديث، إضافة إلى دعم الصناعة الدفاعية وخلق وظائف جديدة. هذه المقاربة، بحسب المصدر ذاته، تعكس “تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى” يوازن بين الدفاع والتنمية، ويحافظ على قدرة مالية مستقرة.
أما الجزائر، فاختارت نهج “الكتلة والردع”، حيث يتجاوز الإنفاق العسكري (22.1 مليار يورو) ميزانيتي التعليم والصحة مجتمعتين (18.5 مليار يورو)، ما يجعلها، بحسب “ديفنسا”، من أكثر الدول إنفاقًا على الدفاع في العالم، متقدمة حتى على إسرائيل والسعودية. ويضيف التقرير أن هذا “السباق الكمي” يجعل الاقتصاد الجزائري هشًا أمام تقلبات أسعار الطاقة، ويهدد بتقويض التنمية الاجتماعية في المدى المتوسط.
وبينما تتسلم الجزائر هذا العام دفعات من المقاتلات الروسية الحديثة “سو-57” و”سو-35” و”سو-34”، يواصل المغرب الاستثمار في تحديث قدراته التقنية والاستخباراتية والفضائية، من خلال المركز الملكي للاستشعار عن بعد، في إطار رؤية شاملة للأمن القومي تمتد من الحدود إلى الفضاء.
ويرى التقرير أن المغرب يبني قوة ذكية متوازنة بين الدفاع والتنمية، بينما تغرق الجزائر في سباق تسلح مكلف وغير مستدام. وبين خيار “الكمية” وخيار “النوعية”، يبدو أن الرباط تراهن على المستقبل، في حين لا تزال الجزائر حبيسة منطق الماضي.
