الصحافة _ وكالات
أصدر المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات تقريره السنوي الخاص بوضعية المغرب في سنة 2018.
التقرير أشار أن سنة 2018 تميزت بتنامي ظاهرة الاحتجاج في صيغ وأشكال متنوعة، منها ما هو تاريخي من قبل المسيرات والوقفات والإضرابات، ومنها أشكال تعبيرية جديدة ومتميزة كالمقاطعة الاقتصادية والاحتجاج والدعوة إليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح التقرير أنه رغم تعدد أشكال الاحتجاجات فإنها تتوحد في هدف واحد هو رفض السياسات المتبعة خاصة في القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم، والدعوة إلى اتباع سياسات منصفة للطبقات الاجتماعية الهشة والفقيرة، ورفض كل أشكال الريع التي توظفها السلطة من أجل جعل الثروة في متناول فئات اجتماعية بعينها.
وأكد التقرير أن هذه الاحتجاجات وإن كانت ذات طابع اجتماعي، فإنها تضمر طموحات سياسية مهمة، إذ لا معنى لتغافل رفض المغاربة للجمع بين الثروة والسلطة، مشيرا أن الاحتجاج أصبح واقعا متجذرا في صفوف شرائح مهمة من الشعب المغربي، وأنه يتوسع ويتمدد، وأصبح قادرا على إرباك الدولة المغربية، شأنها شأن العديد من الأنظمة العربية، التي تبنت خيار مواجهة كل حركة اجتماعية بعد أن خوف صوت الربيع غير المرغوب فيه.
وشدد التقرير على أن انحصار مسالك الحوار والاحتواء، ولجوء الدولة إلى مزيد من العنف والاعتقالات والمحاكمات، وتسخير أجهزة الدولة مثل القضاء ومؤسسات الوساطة، لقمع المحتجين وتخوينهم والزج بهم في السجون، والحكم عليهم بعشرات السنين، هو مدعاة لدق ناقوس الخطر، ليس لكونه يهدد الحقوق المدنية والسياسية، بل لأنه يهدد السلم الاجتماعي.
وأبرز التقرير أنه رغم تنامي موجات الاحتجاج وتطور أشكاله، بقيت الدولة وفية لسياساتها العتيقة، وعلى رأسها صم الآذان والتجاهل، أو القمع والاعتقالات والمحاكمات، مما يؤكد استمرار البنية المتحكمة في تدبير مجريات السياسات العمومية على نفس النهج السابق.
وأشار أن الهامش المتوفر للحكومة في تدبير ملف الاحتجاجات الاجتماعية مراقب ومؤطر، بل ومتحكم فيه وبشكل صارم من طرف وزارة الداخلية وهيئات سيادية في الظل، يضاف إليها أن الحكومة لا تملك أي استراتيجية حقيقية للتعامل الإيجابي مع الحركات الاحتجاجية، ليس لضعف مقترحاتها فقط، بل وأيضا لعجز صلاحياتها وطبيعة الحجر الممارس على حركاتها من قبل مؤسسات الوصاية التي تفتح الملفات وتغلقها وفق مصالح ومقاربات لا يعرفها إلا أصحابها، مما فرض على الحكومة وخاصة قطاعاتها الخدمية الهروب إلى الأمام والتوسل بوزارة الداخلية للتعامل مع المحتجين.
وخلص التقرير إلى أن الاحتجاج أرغم صناع القرار المغربي على الوقوف في مفترق طرق مصيري، فإما أن تبقى الدولة وفية لمقاربتها الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات المتنامية، أسوة بالعديد من الدول العربية في نسخة ما بعد الربيع العربي، وهو ما يرشح الممارسة الاحتجاجية إلى تبني تجارب دول الجوار في الأشكال والمطالب، أو أن تقتنع الدوائر الحاكمة أنه لا أمل في نجاح المشروع التنموي في النسخة المتوقعة إلا بانفتاح اجتماعي وسياسي حقيقي، خاصة أن كل الإرهاصات تشير إلى تقوية فرضية انبلاج حراك مجتمعي جديد، تشكل الأحداث المتوالية والمتسارعة في أكثر من مجال وعلى أكثر من صعيد وقوده الجاهز.