الصحافة _ كندا
في تطور مثير لقضية تفويت عقار استراتيجي بمنطقة باب إغلي في مراكش، دخلت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد على خط ما وصفته بـ”التحايل الموصوف” على المال العام، تحت غطاء الاستثمار في القطاع الصحي، محذّرة من عملية تفويت تمّت خارج الضوابط القانونية وتحولت من مشروع اجتماعي إلى مصحة خاصة تُدار بمنطق تجاري صرف.
العقار المعني، الذي تبلغ مساحته 3744 مترًا مربعًا، جرى تفويته من طرف الدولة بثمن تفضيلي وبدون طلب عروض، لبناء مركز أبحاث في أمراض القلب ومدرسة لتكوين الممرضين، قبل أن تنقلب أهدافه رأساً على عقب لصالح مصحة خاصة، في خرق صارخ لبنود دفتر التحملات، وسط صمت رسمي يثير الكثير من علامات الاستفهام.
المنظمة الحقوقية اعتبرت في بيانها أن ما حدث لا يدخل في خانة “الإخلال الإداري البسيط”، بل يُظهر معالم تواطؤ محتمل بين مسؤولين إداريين وجهات نافذة في القطاع الصحي، مشددة على أن عدم تفعيل بند الفسخ واسترجاع العقار يكشف وجود حماية من جهات ذات نفوذ، ويُسائل صراحة دور وزارات الصحة والتعليم العالي والمالية في مراقبة وتتبع هذا المشروع المنحرف عن أهدافه الأصلية.
وبينما طالبت المنظمة بفتح تحقيق قضائي عاجل وإحالة الملف على المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية، نوهت في المقابل بموقف مصالح التعمير بجماعة مراكش، التي رفضت منح رخصة استغلال للمصحة رغم ما وصفته بـ”الضغوط الممنهجة”، داعية إلى حماية الموظفين الذين تمسكوا بالقانون في وجه شبكة مصالح اقتصادية قوية.
البيان الحقوقي ذهب أبعد من ذلك، محذّرا من تغوّل ما أسماه بـ”لوبي المصحات” الذي بات، بحسبه، يشكل تهديداً صريحاً للسيادة الصحية الوطنية، عبر الاستحواذ على عقارات عمومية وتحويل القطاع من خدمة اجتماعية إلى تجارة مغلقة لفائدة فئة ضيقة من المستثمرين المتنفذين.
وتتجه الأنظار الآن نحو الجهات المسؤولة عن تفويت هذا العقار، وسط مطالب متزايدة بالكشف عن هوية المستفيدين الحقيقيين، وتحديد حجم التجاوزات التي تحوّلت معها وعود الاستثمار الاجتماعي إلى واجهة مخادعة لنهب المال العام.