الصحافة _ وكالات
جدد طلبة الجامعات، اليوم الثلاثاء، موعدهم الأسبوعي مع الشارع في العاصمة وعدد من المدن الجزائرية، في المسيرات الـ35 من الحراك الطلابي، وسط تجدد المطالب الرافضة للانتخابات ولقانون المحروقات والمطالبة باستبعاد حكومة نور الدين بدوي، وبإطلاق سراح الناشطين الموقوفين.
وتزامنت مسيرات اليوم مع إحالة عدد من الناشطين الموقوفين على قاضي التحقيق، كان أبرزهم المناضل لخضر بورقعة الذي رفض الإجابة عن أسئلة قاضي التحقيق، وأعلن عدم اعترافه بالتهم المنسوبة إليه، وبالقضاء الذي وصفه بأنه قضاء النظام الذي يسير بالأوامر وليس بالقانون، وطلب العودة إلى محبسه، حيث يقضي فترة سجن منذ توقيفه قبل شهرين.
ورفع الطلبة المتظاهرون صور بورقعة ورفاقه في السجون ككريم كابو وسمير بلعربي وحكيم عدادي وطالبوا بالإفراج عنهم، منذ انطلاق المسيرة الطلابية من ساحة الشهداء وسط العاصمة الجزائرية. واحتشد هناك الآلاف من الطلبة القادمين من مختلف الجامعات الجزائرية وسط تواجد وانتشار أمني كثيف لمنعهم من السير وسط العاصمة الجزائرية دون تسجيل أي احتكاك أو اعتقالات، عدا منع قوات الأمن الطلبة من التوجه نحو مقر البرلمان (الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري)، حيث حدث تدافع بين الطلبة الذين حاولوا المرور من السد الذي أقامته الشرطة في شارع عسلة حسين ما تسبب في إغماءات في صفوف الطلبة.
وأمام الإغلاق الأمني للشارع المؤدي إلى مقر البرلمان، اضطرت المظاهرة الطلابية إلى اتخاذ وجهة أخرى باتجاه ساحة الأمير عبد القادر وشارع الشهيد العربي بن مهيدي، ثم البريد المركزي وصولا إلى ساحة الجامعة المركزية. وطالب المتظاهرون بوقف المسار الانتخابي حتى تتحقق مطالب الحراك الشعبي المتعلقة أساسا برحيل حكومة بدوي ورموز نظام الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، والإفراج عن المعتقلين من الناشطين خلال المسيرات الماضية.
وقال الناشط الطلابي نور الدين بلواهن، إنه من “المؤسف جدا أن نحتفل قريبا بذكرى ثورة أول نوفمبر المجيدة، فيما أحد قادة هذه الثورة، المناضل لخضر بورقعة في السجن، هذا أمر مؤلم وغير مقبول، وأيا كانت النتائج المحققة في الحراك الشعبي، فإنها تبقى منقوصة باستمرار حبس النشطاء وقمع حرية التعبير”.
ورفع المتظاهرون شعارات مناوئة لتدخل الجيش، وقائده الفريق أحمد قايد صالح في المشهد السياسي، من خلال شعارات “دولة مدنية وليس عسكرية”، و”أنت رايح رايح (ذاهب) يا قايد صالح”، وكذا رفض فرض السلطة لمسار انتخابي وتنظيم انتخابات 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، والتي يرفضها قطاع واسع من الجزائريين بسبب الظروف والترتيبات المريبة وغياب الشخصيات الوازنة للمشاركة فيها.
ورفع المتظاهرون شعار “لا انتخابات مع العصابات”، وهتفوا مطولا “سلمية سلمية”، وحرصوا على الحفاظ على سلمية مسيرات اليوم التي شارك فيها مواطنون بعد قرار اتخذه نشطاء الحراك الشعبي بالمشاركة الدورية في مسيرات الطلبة، عقب أحداث مسيرة الثلاثاء قبل الماضي، والتي شهدت قمعا كبيرا واعتداءات من قبل قوات الشرطة على الطلبة، ما أدى إلى إصابة عدد منهم.
وقال الناشط الطلابي، سليم إيزري، إن “الحراك الشعبي أرجع الأمل للمظلومين في الجزائر، بينما حراك الطلبة هو داعم مركزي لهذا الحراك، ومسيرات الثلاثاء هي همزة وصل تربط بين مسيرات الجمعة والجمعة”، موضحا أنه “من بين مجموع الفئات التي انخرطت في الحراك منذ الأسبوع الأول، كالمحامين والقضاة وغيرهم، بقي الطلبة هم الأكثر وفاء والتصاقا بالحراك ومطالبه، مقارنة مع المحامين والقضاة وغيرهم”. وأضاف أن استمرار الحراك الطلابي يضع الجامعة في قلب التحولات السياسية من جهة، ويؤكد أن الجزائر لن تعود إلى ما قبل فبراير/ شباط 2019.
وحيا الطلبة انتفاضة الشعب اللبناني، ورفعت في مسيرات اليوم شعارات تندد بطرح قانون جديد للمحروقات من قبل حكومة تصريف الأعمال الحالية، برغم الرفض الشعبي والدعوات السياسية لإرجائه إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد في ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وكتب على إحدى هذه اللافتات “العصابة تقرر، البرلمان يمرر، والذباب يبرر”، في إشارة إلى استمرار السياسات نفسها التي كانت منتهجة في عهد بوتفليقة، واعتبرت لافتات أخرى أن حكام الجزائر “باعوا البلد بالتجزئة، اليوم يريدون بيعها بالجملة”.
وعلى غرار العاصمة، نظم الطلبة في ولايات بجاية وتيزي وزو وسطيف وقسنطينة وعنابة مسيرات تركزت المطالب فيها على رفض الانتخابات المقبلة ورفض استمرار حكومة بدوي والمطالبة بالإفراج الفوري عمن يصفهم المتظاهرون بمعتقلي الرأي السياسي.
ويستعد النشطاء في الحراك الطلابي والشعبي للحشد والتعبئة تمهيدا لمظاهرات يتوقع أن تكون الكبرى يوم الجمعة الفاتح من نوفمبر/ تشرين الثاني، تزامنا مع ذكرى ثورة التحرير.
ولا تبدي السلطة والجيش في الجزائر منذ فترة اهتماما بالمواقف الشعبية والسياسية التي تطالب بوقف المسار السياسي والانتخابي الحالي، ويؤشر ذلك على إمكانية تصعد المواقف مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية، وبدء تسلم الهيئة العليا للانتخابات لملفات المترشحين ومعالجة ملفاتهم وبدء الحملة الانتخابية التي قد تنظم في وضع متوتر، خاصة في حال تطورت المواقف الشعبية إلى رفض السماح بإقامة تجمعات للمرشحين في الولايات.