الصحافة _ كندا
يبدو أن تعليمات رئيس الحكومة عزيز أخنوش، التي جدد التأكيد عليها في الرسالة التأطيرية لمشروع قانون المالية 2026، لا تقتصر على كونها مجرد توصيات تقنية، بل تعكس توجهاً حكومياً واضحاً نحو سياسة تقشفية، فرضتها ضغوط مالية واقتصادية متنامية، وتحديات داخلية وخارجية.
فرغم أن الحكومة سبق أن أصدرت توجيهات مماثلة لترشيد نفقات التسيير، إلا أن عدم التزام عدد من القطاعات الوزارية دفع أخنوش إلى إعادة التأكيد على ضرورة “شد الحزام” بشكل صارم، مع وضع قيود واضحة على السفريات، الدراسات، اقتناء السيارات، وبناء وتهيئة المقرات الإدارية، إلى جانب ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، وتسوية المتأخرات المستحقة للمكتب الوطني للماء والكهرباء.
ويأتي هذا التشديد في سياق حساس يتسم بارتفاع تكاليف خدمة الدين، وضغوط على الميزانية نتيجة التزامات اجتماعية متزايدة، أبرزها تنزيل منظومة الحماية الاجتماعية وتوسيع برامج الدعم، فضلاً عن استثمارات البنية التحتية الكبرى التي تتطلب موارد مالية ضخمة.
كما أن الظرفية الاقتصادية الدولية، بما تشهده من تقلبات في أسعار الطاقة والمواد الأساسية، وتباطؤ النمو لدى الشركاء التجاريين للمغرب، تفرض على الحكومة تقليص النفقات التشغيلية لإيجاد هامش أكبر للاستثمار العمومي المنتج.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه السياسة مرهون بمدى التزام الوزراء والمسؤولين بتنفيذ التعليمات على أرض الواقع، بعيداً عن الطابع الشكلي الذي غالباً ما يطبع هذه الإجراءات، خاصة في ظل استمرار بعض الممارسات البيروقراطية التي تُثقل كاهل الميزانية العمومية.
في المقابل، يحذر خبراء من أن التقشف المفرط في بعض المجالات، إذا لم يواكبه إصلاح هيكلي حقيقي، قد يؤثر سلباً على جودة الخدمات العمومية، ويحد من قدرة الإدارات على الابتكار وتحسين الأداء.
