الصحافة _ كندا
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، دخلت الساحة السياسية المغربية مرحلة مبكرة من الحمى الانتخابية، تميّزت بظاهرة ترحال سياسي غير مسبوق، شملت وجوها وازنة داخل أحزاب الأغلبية الحكومية، وعلى رأسها التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال.
فبينما تزداد اللقاءات السرية وتُعقد الصفقات في الظل، بدأ المشهد يفقد تماسكه التقليدي، وسط تسريبات عن وعود ثقيلة تشمل مناصب انتخابية متقدمة، ودعماً مالياً سخياً، مقابل تغيير الألوان الحزبية، في خطوة تثير الكثير من الجدل داخل قواعد الأحزاب المعنية.
النتيجة كانت انشقاقات داخلية وتصدعات في صفوف قيادات محلية ووطنية، وجدت نفسها فجأة خارج الحسابات، بعد أن اختارت أطراف من التحالفات الحالية استقطاب المنافسين بدل رص الصفوف، ما ولّد حالة من التوتر واتهامات بالخيانة السياسية، مقابل تبريرات تتحدث عن تجديد النخب والانفتاح على الكفاءات.
غير أن الفاعلين السياسيين والمدنيين، يرون في ما يحدث انحرافاً عن روح التعددية، ومساساً بمبدأ الالتزام الحزبي، حيث بات “الكرسي” هو المحرك الأول للتحالفات، عوض البرامج أو المرجعيات الإيديولوجية، وهو ما يعكس أزمة أعمق في بنية العمل الحزبي، ومحدودية قدرته على خلق انتماء سياسي فعلي.
وبينما تدافع بعض الأحزاب عن ممارسات الترحال السياسي كجزء من دينامية التجديد، فإن الواقع التشريعي الهش، وغياب ضوابط حقيقية للانتقال الحزبي، يعمق أزمة الثقة، ويحول المنافسة السياسية إلى لعبة مصالح لا تُحكمها قواعد واضحة، بل تُعاد صياغتها لحظة اللعب.
ومع كل هذه التحركات المبكرة، يصبح من الواضح أن الحملة الانتخابية بدأت فعلاً، ولكن من خلف الستار، حيث يتم ترتيب التوازنات الجديدة في كواليس غامضة، تحكمها حسابات النفوذ، لا صناديق الاقتراع.