الصحافة _ كندا
في ظل التوافد المتزايد لمستثمرين جدد على سوق البورصة المغربية، أصدرت الجهة الوصية على سوق الرساميل تحذيراً يدعو إلى توخي أقصى درجات الحيطة والحذر، والتزود بالمعلومات الدقيقة قبل الإقدام على أي قرار استثماري، مع التشديد على ضرورة تعزيز اليقظة في مواجهة المخاطر المتنامية.
وحذّر البلاغ العموم من الممارسة غير المرخصة لنشاط الإرشاد في الاستثمار المالي، ومن الانتشار المتزايد لمنصات تداول رقمية مشبوهة، مؤكداً أن هذه السلوكات، التي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تسريع انتشارها، قد تعرّض المستثمرين لخسائر جسيمة وتمس بنزاهة السوق المالية، فضلاً عن كونها أفعالاً خاضعة للمساءلة القانونية.
وسجّل المصدر نفسه تنامي ظاهرة تقديم توصيات لشراء أو بيع أسهم عبر الأنترنت أو داخل مجموعات مغلقة للمراسلة الفورية، معتبراً أن هذا السلوك، حتى وإن بدا في ظاهره حسن النية، قد يشكل ممارسة غير قانونية لنشاط الإرشاد في الاستثمار المالي، الذي يخضع لترخيص مسبق وإطار تنظيمي صارم يهدف أساساً إلى حماية المستثمرين وضمان شفافية السوق.
وأكد البلاغ أن نظام الترخيص والتسجيل ليس إجراءً شكلياً، بل يرتكز على ضمانات قانونية ومهنية، من بينها الكفاءة والنزاهة والوقاية من تضارب المصالح، محذراً في الوقت نفسه من أن بعض التوصيات قد تخفي نوايا تلاعبية، مثل تقنية “الضخ والتفريغ”، التي تقوم على رفع سعر سهم بشكل مصطنع عبر تحفيز العموم على الشراء، قبل بيعه لتحقيق أرباح سريعة على حساب باقي المستثمرين.
كما نبهت الجهة الوصية إلى انتشار منصات تداول تبدو احترافية في شكلها الخارجي، وتَعِدُ بأرباح مرتفعة وسريعة، بينما قد تكون في الواقع واجهات احتيالية، حيث يلجأ القائمون عليها أحياناً إلى انتحال صفة مهنيين أو مؤسسات معروفة لكسب ثقة الضحايا.
وفي هذا السياق، أشار خبراء في الأمن الرقمي إلى أن تصاعد عمليات الاحتيال في السوق المالية يرتبط بتطور أساليب الجريمة السيبرانية، التي انتقلت من ممارسات بدائية إلى شبكات رقمية شبه احترافية تستهدف المستثمرين الجدد بدقة، مستغلة رغبتهم في تحقيق أرباح سريعة وقلة خبرتهم بآليات السوق.
وأوضح هؤلاء أن المحتالين يعتمدون على تقنيات متقدمة في الهندسة الاجتماعية، تبدأ بجذب الضحية عبر محتوى تحليلي زائف أو توصيات مغلوطة، قبل إدخاله تدريجياً في مسار استثماري وهمي، كما يلجأون إلى انتحال الهوية الرقمية من خلال استنساخ مواقع إلكترونية أو صفحات مزيفة، باستعمال نطاقات وشهادات أمان شكلية توحي بالمصداقية.
وأضافوا أن التلاعب بالمعلومة المالية أصبح من أخطر أدوات الاحتيال، حيث تُنشر توصيات منسقة وفي توقيت متزامن عبر عدة منصات لخلق “ضجيج رقمي” مصطنع حول أسهم معينة، غالباً ما تكون ذات سيولة محدودة، بهدف توجيه سلوك المستثمرين والتأثير على قراراتهم بناءً على معطيات مضللة.
وأكد الخبراء أن هذه العمليات تعتمد في الغالب على بنى تحتية عابرة للحدود، تشمل خوادم خارجية وأنظمة دفع معقدة لتفادي التتبع، ما يمنحها طابعاً دولياً يصعّب عمليات الملاحقة واسترجاع الأموال، ويحوّل الاحتيال المالي إلى تهديد مباشر للأمن الاقتصادي.
وشددوا على أن آثار هذه الممارسات لا تقتصر على الخسائر المالية الفردية، بل تمتد إلى المساس بثقة المستثمرين وتشويه آليات العرض والطلب داخل السوق، داعين إلى اعتماد مقاربة استباقية متعددة المستويات، تقوم على الرصد الرقمي والتحليل السلوكي والتنسيق الوثيق بين الجهات التنظيمية والأمنية، إلى جانب رفع وعي المستثمرين باعتباره خط الدفاع الأول لحماية السوق وصون استقرارها.














