الصحافة _ كندا
لم يكن اللقاء الثنائي الذي جمع وزير الخارجية ناصر بوريطة بوزيرة الدولة البريطانية للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، إيفيت كوبر،
محطة بروتوكولية على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. بل جاء ليكرس، مرة أخرى، ما يمكن وصفه بانتصار جديد للدبلوماسية المغربية، القائمة على رؤية ملكية واضحة تضع الوحدة الترابية للمملكة في صدارة أولوياتها، وتحوّل الشراكات الدولية إلى أوراق قوة سياسية واقتصادية في معركة المغرب المستمرة من أجل التنمية والسيادة.
وأعادت المباحثات بين الجانبين التأكيد على التزام المملكة المتحدة بكافة مضامين البيان المشترك الموقع في الرباط شهر يونيو الماضي، حيث لم تكتف لندن باعتبار المقترح المغربي للحكم الذاتي “الأساس الأكثر مصداقية وبراغماتية وقابلية للتطبيق” لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، بل فتحت الباب أيضا أمام الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات للنظر في دعم مشاريع كبرى في الأقاليم الجنوبية، في إطار التزامها بتعبئة خمسة مليارات جنيه إسترليني للاستثمار في الاقتصاد المغربي. وهذه ليست مجرد أرقام، بل رسالة واضحة للعالم مفادها أن مغربية الصحراء باتت خيارا دوليا لا رجعة فيه.
في العمق، يعكس هذا التقارب البريطاني ـ المغربي ثمرة نهج ملكي متزن، استطاع أن يحول قضية الصحراء من ملف نزاع إلى ورش تنموي ضخم يجذب الاستثمارات والشراكات العالمية.
وهنا يبرز دور بوريطة، الذي يمارس دبلوماسية ذكية تُوازن بين الحزم السياسي والبراغماتية الاقتصادية، وتضع الشركاء أمام خيار وحيد: الاعتراف بالواقع الجديد الذي صنعه المغرب بإرادته وإصلاحاته واستقراره.
إن ما تحقق اليوم ليس نجاح ظرفي، بل دليل على أن المغرب يمضي بخطى ثابتة في ترسيخ موقعه كفاعل استراتيجي في محيطه الإقليمي والدولي، بفضل قيادة الملك محمد السادس ورجال دبلوماسيته الذين يحولون المواقف إلى انتصارات متتالية.
